الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فينبغي للمسلم أن يعود لسانه على قول الخير من ذكر الله تعالى ومن الألفاظ الطيبة البعيدة عن السب والشتائم والقذف، وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم حيث يقول كما في الحديث الصحيح: وهل يكب الناس في النار على وجوههم أوعلى مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم.
ولله در القائل: عود لسانك قول الخير تحظ به إن اللسان لما عودت يعتاد..
أما بالنسبة لكلمة ولد الحرام، فإنها من أخطر كنايات القذف إن لم تكن صريحة فيه من حيث الأصل، فيجب على الإنسان أولاً أن يجنبها لسانه ولا يعوده النطق بها، فالله عز وجل يقول: وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً [البقرة:83]، ولكنها -والله تعالى أعلم- في عرف الناس اليوم لا تعتبر قذفا يوجب الحد، إذ المعروف اليوم أنها تحمل من معاني التنقيص والعيب أكثر مما يحمله ظاهرها من القذف، ولذلك ترى الناس إذا أرادوا أن يثنوا على أحد لصفاته الحميدة مثل كرمه أو وفائه يقولون: والله ابن حلال والعكس صحيح.
والفقهاء رحمهم الله قد نصوا على أن ألفاظ القذف تابعة للاستعمالات العرفية والقرائن الحالية، قال القرافي في الذخيرة: وضابط هذا الباب الاشتهارات العرفية والقرائن الحالية، فمتى فقدا حلف أنه لم يرد القذف ولا يحد، ومتى وجد أحدهما حُدَّ، وإن انتقل العرف وبطل بطل الحد، كما لو قال له يا ندل فإنه في الأصل زوج الزانية، والآن اشتهر في عدم الكرم أو عدم الشجاعة فلا حد به. انتهى من الفواكه الدواني.
ولا يخفى أن صدور هذه الكلمة من الخطيبة لخاطبها في مقام المزح قرينة حالية على عدم إرادة القذف، أما قول يا يهودي لمسلم فهو الآخر منكر، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما. متفق عليه.
فلا يخفى ما في هذا الحديث من الوعيد الشديد على قائل هذه الكلمة لأخيه المسلم، وقد ذكر أهل العلم أن قائلها يعزر ردعاً له ولأمثاله عن إطلاق ألسنتهم بمثل هذا الكلام القبيح.
هذا وفي الأخير ننبه إلى أن الخطيبة أجنبيه من خطيبها فلا يجوز له الخلوة بها، ولا يجوز لها الكشف أمامه إلا بقدر ما يتعرف به على حسنها من عدمه فيتقدم لنكاحها أو يكف عنها.
والله أعلم.