الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فتأثير الصديق على صديقه شيء أثبته الشرع وحكم به الواقع، ولهذا ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلا عجيبا للصاحب الصالح والصاحب السيء فقال: إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحا خبيثة. متفق عليه.
فاحذر أخي من مصاحبة هذه الرفقة السيئة التي بدأ تأثيرها يتضح عليك بسرعة، ولا يغرنك تبسمهم في وجهك وملاطفتهم لك، فإن ذلك كله من باب الإغواء والكيد الخفي حتى يوقعوك في حبائل الشيطان معهم فتخسر ديناك وأخراك وتذكر ندامة ذلك الخل يوم القيامة على مخالته لذلك الفاجر الذي أغواه: [وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا] (الفرقان: 27-29).
ولمزيد من الفائدة عن شر مصادقة أهل العصيان راجع الفتوى رقم: 9163.
ومن هنا نؤكد عليك مرة أخرى وننصحك بترك صحبة هذا النوع من الناس، بل عليك أن تبحث عن أناس من أهل الخير والفضل والصلاح يعينونك على الحق والصبر عليه، وليس ذلك حكرا على جماعة بعينها.
وبخصوص ما تشكوه من تجافي من تعرفت عليهم من الطيبين وما لاحظته عليهم من عدم إظهار الود نحوك فقد يكون ذلك من غير تعمد منهم ولا قصد، إذ الأصل أن تحمل أحوال المسلمين على السلامة وخاصة لمن علم منه الفضل، ومع هذا فلا مانع من أن تبدي شكواك لبعضهم إن كان الحامل على ذلك هو حبهم في الله والصحبة فيه.
وفي الأخير إياك ثم إياك من أن تحلق لحيتك، فالرسول صلى الله عليه وسلم قد أمر بإعفائها، وكان من الأولى لك ولأمثالك من المستقيمين أن يجروا أصدقاءهم إلى الاستقامة والالتزام، لا أن ينجروا هم إلى أهل الفساد.
والله أعلم.