الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن إعطاء كل وارث حقه من التركة واجب شرعي لا يجوز العدول عنه مهما قل المال الموروث أو كثر.
قال الله تعالى: [لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا] (النساء: 7)
وكل من منع الآخر منكم حقا له فهو آثم.
ثم إن كانت أمك قد توفي والدك عنها وهي في عصمته فإن لها الحق في سكنى المنزل الذي كانت تسكنه قبل وفاته حتى تنقضي عدتها.
روى أصحاب السنن وأحمد من حديث الفريعة بنت مالك أنها لما سألت النبي صلى الله عليه وسلم الرجوع إلى أهلها لتعتد عندهم بعد وفاة زوجها قال لها: امكثي في بيتك الذي جاء فيه نعي زوجك حتى يبلغ الكتاب أجله. وأما بعد انقضاء العدة، فلا حق لها ولا لك في البقاء في البيت إلا مقابل أجرة.
وبالمقابل فليس لباقي الورثة أن يحرموك حقك من الإرث.
وعليه، فالصواب أن تذهبوا إلى قاض شرعي ليعطي كل واحد منكم حقه، وفي انتظار ذلك فإن أجرة البيت محسوبة عليك مدة استغلالك له إن كان ذلك خارج فترة عدة أمك كما بينا، إلا أنك لست ملزما بدفعها للورثة طالما أن لك حقا عندهم، فهي إذا بمثابة الرهن.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.