الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على إمامكم في وقوفه، ولا في استئنافه على الوجه المذكور، وليس ما يفعله بدعة، وإن كان خلاف سُنة النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- المُطَّردة في القراءة.
قال الإمام ابن الجزري في كتابه (النشر في القراءات العشر): أَنْ يَكُونَ [الوقفُ] رَأْسَ آيَةٍ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِي اخْتِيَارِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْأَدَاءِ لِمَجِيئِهِ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ -رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا قَرَأَ قَطَّعَ قِرَاءَتَهُ آيَةً آيَةً يَقُولُ: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)، ثُمَّ يَقِفُ، ثُمَّ يَقُولُ: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)، ثُمَّ يَقِفُ، ثُمَّ يَقُولُ: (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ). رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ سَاكِتًا عَلَيْهِ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ، وَغَيْرُهُمْ، وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ. وَكَذَلِكَ عَدَّ بَعْضُهُمُ الْوَقْفَ عَلَى رُءُوسِ الْآيِ فِي ذَلِكَ سُنَّةً، وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو: وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ، وَاخْتَارَهُ -أَيْضًا- الْبَيْهَقِيُّ فِي (شُعَبِ الْإِيمَانِ)، وَغَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَقَالُوا: الْأَفْضَلُ الْوُقُوفُ عَلَى رُءُوسِ الْآيَاتِ، وَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِمَا بَعْدَهَا. قَالُوا: وَاتِّبَاعُ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَسُنَّتِهِ أَوْلَى. انتهى.
والله أعلم.