الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لهؤلاء الإداريين أن يفعلوا ذلك؛ لما فيه من خيانةٍ لأمانة العمل، وأخذ السحت، وأكل للمال بالباطل، وقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ {الأنفال: 27}، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن رجالًا يتخوضون في مال الله بغير حق، فلهم النار يوم القيامة. رواه البخاري.
ولا يجوز أن يُعانوا على ذلك، ويُعطوا هذا السحت ليأكلوه، فإن الشرع لم يأت بلعن آكل الربا وآخذ الرشا وحدهما، بل لعن من يعينهما عليه كذلك، فلعن مؤكل الربا ومعطي الرشا، كما قال عبد الله بن عمرو: لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الراشي والمرتشي. رواه الترمذي وقال: حسن صحيح، وفي رواية: (والرائش)، وهو الساعي بينهما.
وكذلك لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء. رواه مسلم.
قال النووي في شرحه: هذا تصريح بتحريم كتابة المبايعة بين المترابيَين، والشهادة عليهما، وفيه تحريم الإعانة على الباطل. اهـ.
وقال ابن بطال «شرح صحيح البخاري»: المعونة على معاصي الله وما يكرهه الله، للمعين عليها من الوزر والإثم مثل ما لعاملها، ولذلك نهى الرسول عن بيع السيوف في الفتنة، ولعن عاصر الخمر ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه، وكذلك سائر أعمال الفجور. اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -كما في مجموع الفتاوى-: إذا أعان الرجل على معصية الله كان آثما؛ لأنه أعان على الإثم والعدوان، ولهذا لعن النبي -صلى الله عليه وسلم- الخمر وعاصرها ومعتصرها، وحاملها والمحمولة إليه، وبائعها ومشتريها، وساقيها وشاربها، وآكل ثمنها، وأكثر هؤلاء كالعاصر والحامل والساقي، إنما هم يعاونون على شربها. اهـ.
والله أعلم.