الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان خطيبك فقيرًا، ومحتاجًا للصدقة، فلا حرج عليك في أن تتصدقي عليه، ولو كانت الصدقة زكاة، وحتى لو كان قد عقد عليك، فيجوز ذلك -أيضا-، بل هو أولى من غيره بصدقتك، وزكاة مالك، فيما ذهب إليه جمهور أهل العلم؛ لما روى البخاري في صحيحه عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، أنَّ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال لزَيْنَب امْرَأَة عبد الله بْنِ مَسْعُودٍ: زَوْجُكِ، وَوَلَدُكِ أَحَقُّ مَنْ تَصَدَّقْتِ بِهِ عَلَيْهِمْ.
وفي الصحيحين عَنْ زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَتْ: كُنْتُ فِي المَسْجِدِ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَ: «تَصَدَّقْنَ، وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ»، وَكَانَتْ زَيْنَبُ تُنْفِقُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ، وَأَيْتَامٍ فِي حَجْرِهَا، قَالَ: فَقَالَتْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: سَلْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَيَجْزِي عَنِّي أَنْ أُنْفِقَ عَلَيْكَ، وَعَلَى أَيْتَامٍ فِي حَجْرِي مِنَ الصَّدَقَةِ؟ فَقَالَ: سَلِي أَنْتِ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَانْطَلَقْتُ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَوَجَدْتُ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ عَلَى البَابِ، حَاجَتُهَا مِثْلُ حَاجَتِي، فَمَرَّ عَلَيْنَا بِلاَلٌ، فَقُلْنَا: سَلِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَيَجْزِي عَنِّي أَنْ أُنْفِقَ عَلَى زَوْجِي، وَأَيْتَامٍ لِي فِي حَجْرِي؟ وَقُلْنَا: لاَ تُخْبِرْ بِنَا، فَدَخَلَ، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: «مَنْ هُمَا؟» قَالَ: زَيْنَبُ، قَالَ: «أَيُّ الزَّيَانِبِ؟» قَالَ: امْرَأَةُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «نَعَمْ، لَهَا أَجْرَانِ، أَجْرُ القَرَابَةِ، وَأَجْرُ الصَّدَقَةِ». وانظري الفتويين: 174349، 25858.
والله أعلم.