الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن حقّك على زوجك ألا يغيب عنك فوق ستة أشهر دون عذر، جاء في الإنصاف للمرداوي -رحمه الله: وَإِنْ سَافَرَ عَنْهَا أَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَطَلَبَتْ قُدُومَهُ، لَزِمَهُ ذَلِكَ إِنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ، وقال الإمام أحمد: وسأله عن رجل تغيب عن امرأته أكثر من ستة أشهر، قال: إذا كان في حج، أو غزو، أو مكسب يكسب على عياله، أرجو أن لا يكون به بأس. انتهى.
فما دام زوجك لا يغيب عنك أكثر من ستة أشهر؛ فلا شيء عليه في سفره لطلب الكسب، والواجب على زوجك، سواء تركك في بيته، أو في بيت أهلك؛ أن ينفق عليك قدر الكفاية من المأكل، والمشرب، والمسكن، والملبس بالمعروف، وانظري الفتوى: 105673.
وإذا سافر الزوج فالواجب عليه أن يترك زوجته في حال أمان، وفي مكان لا يلحقها فيه ضرر، بل نص الفقهاء على أن البيت إن كان موحشا، فلزوجته عليه مؤنسة تذهب عنها هذه الوحشة، قال ابن عابدين في حاشيته: فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِفْتَاءَ بِلُزُومِ الْمُؤْنِسَةِ، وَعَدَمِهِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَسَاكِنِ، وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الْجِيرَانِ. انتهى.
وفي الروض المربع للبهوتي: ويلزمه لزوجته مؤنسة لحاجة، كخوف مكانها، وعدو تخاف على نفسها منه؛ لأنه ليس من المعاشرة بالمعروف إقامتها بمكان لا تأمن فيه على نفسها. انتهى.
ونصيحتنا لك؛ أن تعاشري زوجك بالمعروف، وتصبري على غيابه؛ ما دام ساعيا في سبيل الكسب الحلال، قائما بحقكم حسب استطاعته؛ فالحياة الزوجية لا تستقيم في الغالب إلا بالصبر، والتجاوز عن بعض الأمور، وراجعي الفتوى: 114693.
والله أعلم.