الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على هذا الرجل أن يدفع معلوم الدفن لهذا الكافر، وهذا من الإحسان لزوجته، وهو مأمور به، فليدفعه بنية تأليفها على الإسلام؛ لعل اللهَ يهديها، ويشرح صدرها.
وقد جاء في الشريعة ما يفيد جواز دفن الكافر إن كان حربيًّا، فلو كان ذِمِّيًّا فذاك أولى بالجواز.
قال ابن الملقن -رحمه الله تعالى- في كتابه التوضيح لشرح الجامع الصحيح ضمن سياق فوائد قصة إلقاء المشركين في قليب بدر: فيه: جواز ستر عورات المشركين، وطرحهم في الآبار المعطلة، وهو من باب ستر الأذى، ومواراة السوءة، والعورة الظاهرة. وفيه: مواراة جيفة كل ميت من بني آدم عن العيون ما وجد السبيل إلى ذلك، ولو كافرًا؛ لأمره -عليه السلام- أن يُجعلوا في قليب بدر، ولم يتركهم مطرحين بالعراء، فالحق الاستنان به فيمن أصابه في معركة الحرب، أو غيرها من المشركين، فيوارون جيفته إن لم يكن لهم مانع من ذلك، ولا شيء يعجلهم عنه من خوف كثرة عدو. وإذا كان ذلك من سننه في مشركي أهل الحرب، فالذمي أولى إذا مات، ولا أحد من أوليائه، وأهل بيته بحضرته، وحضرة أهل الإسلام أولى أن تكون السنة فيهم سنته في أهل بدر في أن يواروا جيفته، ويدفنوه. وقد أمر الشارع عليًّا في أبيه أبي طالب إذ مات فقال: "اذهب فوارِه". انتهى.
والله أعلم.