الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمَن تَرك أكثر من واجب من واجبات الحج؛ فتلزمه فدية عن كل واجب تَرَكَه، وانظري الفتوى رقم: 307975.
مع ملاحظة أن ما نفتي به هو أنَّ المبيت في منى ليالي أيام التشريق يُعد كله واجبًا واحدًا، فلا تجب الفدية بالدم، إلا بترك المبيت كله، جاء في (الموسوعة الفقهية الكويتية): وَأَوْجَبَ الشَّافِعِيَّةُ، وَكَذَا الْحَنَابِلَةُ فِي تَرْكِ الْمَبِيتِ كُلِّهِ دَمًا وَاحِدًا، وَفِي تَرْكِ لَيْلَةٍ مُدًّا مِنَ الطَّعَامِ، وَفِي تَرْكِ لَيْلَتَيْنِ مُدَّيْنِ، إِذَا بَاتَ لَيْلَةً وَاحِدَةً. انتهى.
وكذلك يُعد رمي الجمرات أيام التشريق واجبًا واحدًا، وفي تَرْكه التفصيلُ نفسه الذي ذُكر في ترك المبيت في منى ليالي أيام التشريق.
هذا، ومَن ترك واجبًا من واجبات الحج متعمدًا، عالمًا بالحكم؛ فهو آثم، لكن حجه صحيح، وعليه التوبة، والاستغفار.
وإن ترك الواجب جاهلاً، أو ناسيًا، فحجه صحيح، ولا إثم عليه.
ويجب عليه في الحالين الفدية، ولا أثر لكون هذه الواجبات تُركت عمدًا، أو سهوًا؛ وذلك لأن الواجب إذا استقر في الذمة لم تبرأ الذمة منه، إلا بفعله، أو بفعل بدله.
والفدية هي ذَبْح شاة تُجزئ في الأضحية تُوَزَّع على فقراء الحرم، فإن كان لا يستطيع؛ فإنه يصوم عشرة أيام (ثلاثة في الحج، وسبعة إذا رجع إلى أهله)، قال ابن عباس رضي الله عنهما: مَن نَسِي من نُسُكه شيئًا، أو تركه؛ فليهرق دمًا. أخرجه مالك في (الموطأ) بسند صحيح، ونص الفقهاء على أن المعذور وغيره؛ سواء في لزوم الدم.
قال برهان الدين ابن مفلح في (المبدع): مَنْ تَرَكَ وَاجِبًا -وَلَوْ سَهْوًا- فَعَلَيْهِ دَمٌ. انتهى.
والله أعلم.