الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن التطرف مشتق من الطرف وهو ناحية الشيء القصوى من إحدى الجهتين.
والوسطية لزوم الوسط.
والاعتدال هو الاستقامة على الشيء والتوازن في الأمر وهو مأخوذ من اعتدال المتاع على الدابة، وتعادل العدلين المحمولين في جانبيها.
والتطرف في الدين مذموم من كلا الجانبين، فالإفراط مذموم والتفريط مذموم، فقد حرم الله الغلو والتنطع في الدين، قال الله تعالى: لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ [النساء:171]، وفي الحديث: إياكم والغلو في الدين، فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين. رواه أحمد والحاكم وصححه الألباني.
وفي الحديث: هلك المتنطعون قالها ثلاثاً. رواه مسلم.
وقد حرم الله التساهل في الدين واقتراف المحرمات، وكره إلى المؤمنين الكفر والفسوق والعصيان، وتوعد الفساق بالنار، فقال: وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ [السجدة:20].
وأما الوسطية فهي إحدى خصائص هذا الدين الإسلامي، فهو وسط بين الإفراط والتفريط وبين التشدد في العبادات والمروق من الدين بدعوى الترخصات، وسط في المعاملات، وسط في الإنفاق بين الإسراف والبخل، وسط في النكاح بين من أباحوا نكاح المحارم ومن منعوا نكاح القرائب كبنات العم وبنات الخال، وسط بين من غلوا في الإثبات فشبهو الله بالخلق وبين من غلو في النفي فنفوا الصفات أو حرفوا معانيها، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 25338، 26673، 41228.
والله أعلم.