الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الأوثان التي عبدها المشركون ليست هي الجن، بل إن الجن أضلوا المشركين، فزيّنوا لهم عبادة الأوثان، وأطاعوهم في ذلك.
يقول ابن كثير تعليقا على الآيتينِ المذكورتين في سؤالك: يخبر تعالى أنه يقرّع المشركين يوم القيامة على رؤوس الخلائق، فيسأل الملائكة الذين كان المشركون يزعمون أنهم يعبدون الأنداد التي هي على صورة الملائكة؛ ليقربوهم إلى الله زلفى، فيقول للملائكة: {أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون}؟ أي: أنتم أمرتم هؤلاء بعبادتكم؟ كما قال في سورة الفرقان: {أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلوا السبيل} [الفرقان: 17]، وهكذا تقول الملائكة: {سبحانك} أي: تعاليت، وتقدست عن أن يكون معك إله {أنت ولينا من دونهم} أي: نحن عبيدك، ونبرأ إليك من هؤلاء، {بل كانوا يعبدون الجن} يعنون: الشياطين؛ لأنهم هم الذين يزينون لهم عبادة الأوثان، ويضلونهم، {أكثرهم بهم مؤمنون}، كما قال تعالى: {إن يدعون من دونه إلا إناثا وإن يدعون إلا شيطانا مريدا} [النساء: 117].
وفي تفسير البغوي: {بل كانوا يعبدون الجن} يعني: الشياطين، فإن قيل لهم: كانوا يعبدون الملائكة، فكيف وجه قوله: {يعبدون الجن} قيل: أراد الشياطين زينوا لهم عبادة الملائكة، فهم كانوا يطيعون الشياطين في عبادة الملائكة، فقوله: {يعبدون} أي: يطيعون الجن، {أكثرهم بهم مؤمنون} يعني: مصدقون للشياطين. اهـ.
والله أعلم.