الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمرأة إذا بلغت الحُلُم وجب عليها ستر جميع بدنها، إلا ما اختلف في وجوب ستره وهو الوجه والكفان.
ويجب على ولي البنت تعويدها الحجاب قبل البلوغ؛ لئلا تنفر منه إذا بلغت، ويجب عليه إجبارها على ستر ما يجب ستره إذا هي بلغت.
وعليه أن يتبع ما أمكن من الوسائل الحسنة كتذكيرها بالله -تعالى- وشرح فضائل الحجاب لها، وأنه عفة وستر وصيانة، ومرضاة للرب تبارك وتعالى، وليرغبها بالتشجيع والمكافأة والمثوبة إن هي استجابت، وليحرص على أن تكون رفقتها من الفتيات الصالحات، وليجتهد في الدعاء لها بالهداية. فإن امتنعت مع هذا كله فعليه أن يفعل ما أمره الله به من إلزامها بالحجاب، وإن فرطت في الصلاة فعليه أن يلزمها بها، ويأمرها بفعلها ويضربها على تركها.
وعليه أن يراقبها ما استطاع، ويتقي الله فيها أمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر، وإلزاما بما يجب إلزامها به شرعا بالحكمة والموعظة الحسنة ما أمكن.
وأما ما تفعله هي في الخفاء بعيدا عنه من ترك صلاة، أو نزع حجاب فلا يؤاخذ هو به.
وأما أن يتركها تتبرج بذريعة أنها لو ألزمها الحجاب نفرت من الدين، فهذه حيلة شيطانية، يسهل بها الشيطان عليه التقصير في واجبه؛ ليضع عبء إلزامها الطاعة، والقيام عليها بالتعاهد والرعاية عن كاهله.
فعلى الولي أن يفعل ما أمره الله به من تعاهد ابنته بالرعاية والتهذيب والإصلاح، وأمرها بما يجب عليها فعله، وترغيبها في ذلك باللين واللطف والرفق والتشجيع والدعاء. ولن يخيب سعيه -إن شاء الله- ثم هو ليس مؤاخذا ولا مكلفا بما يُفعل في الخفاء بعيدا عنه، وإنما يخاطب بما يطلع عليه من المنكرات، فيجب عليه النهي عنه، وكف المولى عليه عن فعله حسب الطاقة.
لكن ثَمَّ حال يشرع فيها التدرج في الإلزام بالحجاب، بيناه في الفتوى: 363169 وفيها بيان ما يجب على الولي تجاه بنته البالغة.
والله أعلم.