الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا يلزم في عقد الزواج ذكر مذهب أبي حنيفة أو غيره من المذاهب، ولا ينبغي التنصيص عليه، كما سبق وأن نبهنا على ذلك في الفتوى: 37973.
والتنصيص على المذهب لا يضر، ولا يجعل الزواج باطلا، بل لو تم عقد الزواج تقليدا لأبي حنيفة في قوله بأن للمرأة البالغة الرشيدة تزويج نفسها، فإن الزواج يصح اعتبارا لهذا الخلاف، كما نص على ذلك بعض الفقهاء.
جاء في مطالب أولي النهى للرحيباني الحنبلي: كما لو قلّد حنبلي أبا حنيفة في عقد نكاح بلا ولي، فليس للحاكم الحنبلي أن يعزّره؛ لانتفاء المعصية بتقليده إمامًا يرى صحة ذلك العقد. ولأنه لو كان حكم بصحته الحنفي، ورفع بعد ذلك إلى الحنبلي؛ لوجب عليه تنفيذه... انتهى.
وجمهور الفقهاء على أن الولي شرط لصحة الزواج، وأن المرأة لا يجوز لها تزويج نفسها.
وهذا القول هو الذي نرى رجحانه؛ لقوة أدلته، كما هو مبين في الفتوى: 5855.
وذكر مذهب معين في العقد لا يقتضي الإلزام باتباع هذا المذهب في كل مسائل الزواج والطلاق، فلا حرج في أن يقلد غير هذا الإمام من أهل العلم الذين يُعتد بقولهم، ولا حرج عليه في الأخذ بقول من يقول بخلاف قوله في هذه المسائل؛ وأهل العلم يقولون: العامي لا مذهب له.
قال ابن عابدين في حاشيته: مطلب العامي لا مذهب له: قلت: وأيضا قالوا: العامي لا مذهب له، بل مذهبه مفتيه.
وعلله في شرح التحرير بأن المذهب إنما يكون لمن له نوع نظر واستدلال وبصر بالمذهب على حسبه، أو لمن قرأ كتابا في فروع ذلك المذهب، وعرف فتاوى إمامه وأقوله.... انتهى.
والله أعلم.