الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النذر المعلق يجب الوفاء به عند حصول الأمر المعلق عليه. فإذا حصلت على الترقية وجب عليك الوفاء بالنذر.
وأما التصدق بالنذر على غير أخيك: فقد اختلف العلماء في نذر الصدقة على معين: هل يتعين، و يلزم صرفه إليه، أم لا يتعين، ويجوز صرفه إلى غيره؟
جاء في شرح الوجيز للرافعي: وخرَّج الإمام الخلاف الذي ذكره في تعين فقراء البلدة؛ فيما إذا قال الرجل: لله علي أن أتصدق على زيد، وهو فقير، هل يتعين زيد لذلك؟ والظاهر التعين. اهـ.
وفي الدر المختار للحصكفي: (نذر لفقراء مكة جاز الصرف لفقراء غيرها)؛ لما تقرر في كتاب الصوم أن النذر غير المعلق لا يختص بشيء.اهـ.
قال ابن عابدين في حاشيته: قدمنا هناك الفرق، وهو أن المعلق على شرط لا ينعقد سببا للحال كما تقرر في الأصول، بل عند وجود شرطه، فلو جاز تعجيله لزم وقوعه قبل سببه، فلا يصح.
ويظهر من هذا أن المعلق يتعين فيه الزمان بالنظر إلى التعجيل، أما تأخيره، فالظاهر أنه جائز إذ لا محذور فيه.
وكذا يظهر منه أنه لا يتعين فيه المكان، والدرهم، والفقير؛ لأن التعليق إنما أثر في انعقاد السببية فقط؛ فلذا امتنع فيه التعجيل، وتعين فيه الوقت. أما المكان، والدرهم، والفقير فهي باقية على الأصل من عدم التعيين، ولذا اقتصر الشارح في بيان المخالفة على التعجيل فقط، حيث قال: فإنه لا يجوز تعجيله، فتدبر.
قلت: وكما لا يتعين الفقير لا يتعين عدده، ففي الخانية: إن زوجت بنتي فألف درهم من مالي صدقة لكل مسكين درهم، فزوج، ودفع الألف إلى مسكين جملة جاز. اهـ.
فعلى القول بعدم التعين: فالأمر واضح في جواز صرف النذر لغير أخيك مطلقا.
وأما على القول بتعين الصرف إلى أخيك، فإن كنت نويت الصدقة عليه بهذا النذر؛ لكونه فقيرا ثم بان أنه غير فقير، فإن النية تخصص النذر كاليمين، وتقيده، وانظر الفتوى: 478681.
وعليه، فإنك تصرف نذرك لمن يستحقه من الفقراء؛ لكون نيتك خصصت النذر بصرفه لمستحق فقير. وأما إن لم تكن لك نية، فالأولى أن تدفع النذر لأخيك بكل حال، وأنت مأجور على ذلك حتى على تقدير كونه من الموسرين.
والله أعلم.