الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن مذهب جمهور الفقهاء من المالكية والحنابلة والشافعية وغيرهم أن كل نكاح وقع بدون ولي فهو باطل، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل. كما في المستدرك وصحيح ابن حبان، وفي صحيح ابن حبان أيضا عن عائشة أنه صلى الله عليه وسلم قال: لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل، وما كان من نكاح على غير ذلك فهو باطل، إلا أن يثبت عضل الولي وحينئذ فالسلطان ولي من لا ولي له، وذهب أبو حنيفة رحمه الله تعالى إلى أن للمرأة أن تزوج نفسها وغيرها وتوكل في النكاح ، أي في عقده، ومذهب الجمهور في النكاح بلا ولي الفسخ قبل الدخول وبعده، ولا يترتب عليه حد درءا لشبهة العقد، ويلحق فيه الولد نظرا للعقد، هذا إذا كان العقد المذكور من قبل غير الحاكم أو نائبه، أما إذا تولى الحاكم أونائبه عقد النكاح بلا ولي، فإنه لا ينقض، وعليه، فإن نكاح الرجل المذكور إن صح أنه وقع عند محكمة شرعية فإنه صحيح ولا يفسخ، ولا حاجة لإعادته مرة ثانية، لأنه وقع عند ممثل الحاكم الشرعي.
قال ابن قدامة في "المغني" بعد أن ذكر أن النكاح لا يصح إلا بولي، قال: فإن حكم بصحة هذا العقد حاكم أو كان المتولي لعقده حاكما لم يجز نقضه، وقال في المهذب: فإن عقد النكاح بغير ولي وحكم به الحاكم ففيه وجهان: أحدهما: أنه ينقض حكمه، لأنه مخالف لنص الخبر، يعني حديث عائشة المتقدم. الثاني: أنه لا ينقض، وهو الصحيح، لأنه مختلف فيه. وقال الشيخ خليل بن إسحاق المالكي في مختصره: (وَنَقْلُ مِلْكٍ وَفَسْخُ عَقْدٍ أَوْ تَقْرِيرُ نِكَاحٍ بِغَيْرِ وَلِيٍّ حُكْمٌ) أي فيرتفع به الخلاف إن وقع ممن يراه، ولا شك أن المحكمة الشرعية التي وقع العقد المذكور عندها لا بد أن تكون مستندة إلى مذهب أبي حنيفة في هذا الحكم.
والله أعلم.