الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله -تعالى- أن يغفر لك، ويثبتك على الحق، وأن يتم عليك نعمته.
وأما هذا المبلغ الباقي عليك من ثمن المخدرات، فلا يلزمك بذله للبائع، ولكن عليك أن تتصدق به، أو تنفقه في مصالح المسلمين العامة؛ لئلا تجمع بين الانتفاع بالعوض والمعوض عنه.
وراجع في ذلك الفتاوى: 180531، 229117، 271609.
وقال ابن أبي زيد القيرواني في «النوادر والزيادات»: قال ابن حبيب: إذا باع مسلم من مسلم خمرًا. فما كانت الخمر قائمة بيد بائع أو مبتاع، فلتكسر على البائع، ويرد الثمن إن قبضه على المبتاع.
فإن فاتت؛ فقد فات الفسخ، وأخذ الثمن يتصدق به، سواء قبضه البائع، أو لم يقبضه، ويعاقبان. اهـ.
وجاء في «مسائل أبي الوليد ابن رشد»: أما إذا لم يعثر على ذلك حتى استهلك المشترى الخمر، فان كان مسلما، اشتراها من مسلم، يتصدق بالثمن، قبض أو لم يقبض، قولا واحدا. اهـ.
وقال المازري في «شرح التلقين»: إن كانت المبايعة بين مسلمين (يعني في الخمر) اتّضح أن كل واحد منهما لا يجوز له بيعها ولا شراؤها ولا أخذ ثمنها، فإن فعلا ذلك وكانت الخمر قائمة لم تفت فإنها تكسر وتُراق، لكون بائعها .... مشتريها لا يحلّ لواحد منهما تملكها، ولا المعاوضة عليها.
فإذا أريقت على البائع، لكونه باع ما لا يحلّ له، لم يلزم المشتري ثمنها، لكونه غير ممكن من المثمون.
وإذا دفع الثمن ردّ إليه؛ لكونه ثمناً لما لا يحلّ عند البائع والمبتاع. هذا إذا كانت الخمر قائمة.
فإن استهلكت وفاتت عند مشتريها، فإنّ أبا حنيفة قال: يتصدّق بالثمن سواء دفعه مشتريها أو لم يدفعه، وهكذا مذهبه إذا تعامل بها مسلم مع كافر وفاتت الخمر، فإنّه يتصدّق بالثمن دفع أو لم يدفع، سواء كان باعها مسلم من نصرانيّ، أو نصرانيّ من مسلم. اهـ.
والله أعلم.