الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالفصل في الحقوق المتنازع عليها محلُّهُ المحاكمُ الشرعية، أو من ينوب منابها من مجالس التحكيم، وذلك؛ لقدرتها على السماع من أطراف النزاع، وإدراك حقيقة الدعاوي، والبينات، والدُّفُوع، ثم إصدار الحكم المؤسس على ذلك. وأما المفتي، فإنه لا يَسْمَع إلا من طرفٍ واحد، ولن يكون تصوره للمسألة إلا بحسب ما تُتِيْحُه طريقةُ الاستفتاء، ومع ذلك ففتياه لا ترفع النزاع في مسائل الخلاف، بخلاف القاضي، أو المحكَّم فحكمه يرفع النزاع، وينهي الخصومة، لكونه ملزما للطرفين.
والذي يمكننا إفادة السائل به على وجه العموم أن الهبة إن صحت، وحازها الموهوب له، صارت ملكه، ولا يجوز للواهب الرجوع فيها عند جمهور العلماء. وإن كان الموهوب له من أرحامه المحرمين، فقد اتفق الأئمة على أنه لا يجوز الرجوع فيها، إلا الوالد لولده، قال ابن قدامة في «المغني»: حصل الاتفاق على أن ما وهبه الإنسان لذوي رحمه المحرم غير ولده، لا رجوع فيه. اهـ. وراجع في ذلك الفتويين: 118975، و 341086.
والله أعلم.