الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنصيحتنا لك ألا تمنعي زوجك من استضافة أخته في بيته للقيام برعايتها، لما في ذلك من الإحسان إلى الزوج، والإعانة على صلة الرحم، وبر الوالد، وكل ذلك فيه أجر عظيم، وفضل كبير، تهون في سبيله التضحية ببعض الحقوق، واحتمال بعض المكاره.
أمَّا من حيث الوجوب؛ فصحيح أنّه لا يجب عليك قبول مشاركة أخته لك في المسكن، ومن حقّ زوجة أبي زوجك؛ أن يكون لها مسكن مستقل لا تشاركها فيه ابنته، إلا إذا كانت تزوجته عالمة ببقاء هذه البنت معه، فقد نصّ بعض أهل العلم على أنّها لا يجوز لها في هذه الحال الاعتراض على بقاء البنت معهم، وراجعي الفتوى: 73093
وأمّا عن مسئولية رعايتها؛ فإن كانت محتاجة للخدمة والرعاية، وكانت موسرة؛ فلا تجب خدمتها على أبيها، أو إخوتها، ولكن يستأجر لها من تخدمها بأجرة من مالها.
وأمّا إن كانت فقيرة؛ وكان أبوها موسرا؛ فعلى أبيها أن يستأجر لها من يخدمها.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: والواجب في نفقة القريب قدر الكفاية من الخبز والأدم، والكسوة، بقدر العادة..... فإن احتاج إلى خادم فعليه إخدامه. انتهى.
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: إذا قام الوالد بنفسه بخدمة ولده، فلا كراهة في ذلك، وتجب عليه الخدمة، أو الإخدام لولده الصغير، أو المريض، أو العاجز، إذا كان فقيرا. انتهى.
وفي هذه الحال لا يجب على الإخوة نفقتها أو خدمتها.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: ومن كان له أب من أهل الإنفاق، لم تجب نفقته على سواه. انتهى.
أمّا إذا كان الأب فقيرًا؛ فالراجح عندنا وجوب النفقة -ومنها الإخدام- على الإخوة، والأخوات، إن كانوا موسرين، وراجعي الفتوى: 126804
وإذا لم تكن الخدمة واجبة على الإخوة، ولكن أمرهم أبوهم بها؛ فالظاهر -والله أعلم- وجوب طاعته، ما لم يكن عليهم ضرر. أمّا إن كان عليهم ضرر، فلا تجب عليهم طاعة أبيهم في ذلك.
قال ابن تيمية -رحمه الله-: وَيَلْزَمُ الْإِنْسَانَ طَاعَةُ وَالِدِيهِ فِي غَيْرِ الْمَعْصِيَةِ، وَإِنْ كَانَا فَاسِقَيْنِ، وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ أَحْمَدَ، وَهَذَا فِيمَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ لَهُمَا، وَلَا ضَرَرَ، فَإِنْ شَقَّ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَضُرَّهُ وَجَبَ، وَإِلَّا فَلَا. انتهى من الفتاوى الكبرى.
والله أعلم.