الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نعلم حديثا خاصا بمنع أخذ الضيف شيئا من الطعام إلى منزله، أو غيره.
ولكن ذكر الفقهاء في كتب الفقه أن الطعام ملك لصاحب الوليمة، وهو إنما أذن للضيوف بالأكل، وهم لا يملكون ذلك الطعام حتى يطعموا منه غيرهم ممن لم يُدع إلى الوليمة، وإنما هم مأذون لهم في الأكل فقط، فليس لهم أن يطعموا منه غيرهم، حتى قال الفقهاء لا يطعم الضيف منه هرة، ولا سائلا.
كما جاء في أسنى المطالب لمؤلفه: زكريا بن محمد بن زكريا الأنصاري الشافعي: وَيَمْلِكُ مَا الْتَقَمَهُ، بِالْتِقَامِهِ، أَيْ بِوَضْعِهِ فِي فَمِهِ ... وَلَا يُطْعِمُ هِرَّةً، وَلَا سَائِلًا ... إلَّا إنْ عَلِمَ رِضَاهُ بِهِ لِلْعُرْفِ فِي ذَلِكَ. وَبِهِ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يُبِيحُهُ لِغَيْرِهِ، وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِغَيْرِ الْأَكْلِ؛ لِأَنَّهُ الْمَأْذُونُ فِيهِ عُرْفًا. اهــ.
وفي كشاف القناع لمؤلفه: منصور بن يونس بن صلاح الدين الحنبلي: وَيَحْرُمُ أَخْذُ طَعَامٍ مِن الْوَلِيمَةِ أَوْ غَيْرِهَا بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ؛ لِمَا فِيهِ مِن الِافْتِيَاتِ عَلَيْهِ، فَإِنْ عَلِمَ، الْآخِذُ بِقَرِينَةِ رِضَاهُ، أَيْ رَبُّ الطَّعَامِ، فَفِي التَّرْغِيبِ: يُكْرَهُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّه يُبَاحُ. اهــ.
ومثله في شرح المنتهى: (وَلَا يَمْلِكُهُ) أَيْ: الطَّعَامَ (مَنْ قُدِّمَ إلَيْهِ) بِتَقْدِيمِهِ لَهُ (بَلْ يَمْلِكُ) الطَّعَامَ بِالْأَكْلِ (عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهِ) لِأَنَّهُ لَمْ يُمَلِّكْهُ شَيْئًا، وَإِنَّمَا أَبَاحَهُ لِلْأَكْلِ، فَلَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِيهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ. اهــ.
والأصل في هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: إِنَّهُ لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ. رواه أحمد وغيره.
وفي مغني المحتاج وهو من كتب الشافعية: وَيَأْكُلُ الضَّيْفُ مِمَّا قُدِّمَ لَهُ بِلَا لَفْظٍ مِنْ مَالِكِ الطَّعَامِ، اكْتِفَاءً بِالْقَرِينَةِ الْعُرْفِيَّةِ ...
وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِبَيْعٍ وَلَا غَيْرِهِ إلَّا بِالْأَكْلِ؛ لِأَنَّهُ الْمَأْذُونُ فِيهِ عُرْفًا، فَلَا يُطْعِمُ سَائِلًا وَلَا هِرَّةً؛ إلَّا إنْ عَلِمَ رِضَا مَالِكِهِ بِهِ. اهــ.
والله أعلم.