الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما سماه السائل ثمن الخدمة: هي في الحقيقة أجرة على شرحه لما يتعلق بالدواء! ولا يخفى أن عقد الإجارة كغيره من عقود المعاوضات مبناها على الصدق والبيان، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: البيعان بالخيار، ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا، بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا، وكتما، محق بركة بيعهما. متفق عليه.
قال النووي في شرحه لصحيح مسلم: أي بين كل واحد لصاحبه ما يحتاج إلى بيانه من عيب، ونحوه، في السلعة، والثمن، وصدق في ذلك، وفي الإخبار بالثمن، وما يتعلق بالعوضين. اهـ.
فلا يجوز أخذ الأجر دون علم الدافع، بل لا يصح العقد أصلا إلا بعلم العاقد، وحصول الإيجاب والقبول من طرفي العقد، وطالما أن السائل كان يضيف هذه الأجرة على ثمن الدواء دون علم المشتري، فلا تحل له، ويتأكد هذا إذا كان ما يقوم به السائل من الشرح مطلوباً منه أصلا بمقتضى العرف، فإن الصيدلي ليس مجرد بائع، وإلا لما اشترط في مزاولة هذه المهنة أن يكون المباشر للعمل فيها صيدليا معتمدا، وهذا الأمر يراعَى في ثمن الدواء -كما هو معروف ـ وعلى ذلك، فهذا المال لا يحل للسائل أخذه، وعليه أن يرده للمرضى الذين أخذه منهم بأي سبيل تيسر، أو يستحله منهم ليطيِّبُوه له، وإن تعذر رده للعجز عن الوصول إليهم، فليتصدق به عنهم، مع ضمانه لهم إذا أمكن الوصول إليهم بعد ذلك، ولم يرضوا بالصدقة، وراجع الفتويين: 236332، 156675.
والله أعلم.