الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمرأة مؤتمنة على مال زوجها، ولا يحل لها أخذ شيء منه دون إذنه، ما دام ينفق عليها بالمعروف، فعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:.. والمرأة راعية في بيت زوجها، وهي مسؤولة عن رعيتها. متفق عليه.
وعن أبي أمامة الباهلي -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:.... لَا تُنْفِقُ الْمَرْأَةُ شَيْئًا مِنْ بَيْتِهَا، إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا. رواه أحمد.
فإن كان ما أخذته أمك من مال أبيك دون علمه؛ فهذا غير جائز، وكون أبيك يسكنكم في مسكن مملوك للدولة؛ ليس فيه ظلم لكم، ولا يبيح لأمّك الأخذ من ماله؛ فلا يشترط في مسكن الزوجية أن يكون ملكا للزوج.
قال الخطيب الشربيني -رحمه الله- في مغني المحتاج: ولا يشترط في المسكن كونه ملكه قطعًا، بل يجوز إسكانها في موقوف، ومستأجر، ومستعار. انتهى.
وإذا كان المسكن غير مناسب؛ فللزوجة المطالبة بمسكن مناسب، لكن ليس لها أن تأخذ من مال الزوج دون علمه لهذا السبب؛ فالأصل عدم جواز الأخذ دون إذن، وإنما يجوز للزوجة الأخذ من مال زوجها دون إذنه، إذا بخل بالنفقة الواجبة من المأكل، والملبس، والكسوة، لكون الحاجة لهذه الأمور ناجزة، ومتكررة، بخلاف الحاجة إلى مسكن مناسب، حيث يمكن للزوجة المطالبة به، ورفع الأمر للقضاء.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: فرخص النبي - صلى الله عليه وسلم - لها في أخذ تمام الكفاية بغير علمه؛ لأنه موضع حاجة، فإن النفقة لا غنى عنها، ولا قوام إلا بها، فإذا لم يدفعها الزوج، ولم تأخذها، أفضى إلى ضياعها، وهلاكها، فرخص النبي -صلى الله عليه وسلم- لها في أخذ قدر نفقتها، دفعا لحاجتها، ولأن النفقة تتجدد بتجدد الزمان شيئا فشيئا، فتشق المرافعة إلى الحاكم، والمطالبة بها في كل الأوقات؛ فلذلك رخص لها في أخذها بغير إذن من هي عليه. انتهى.
وفي حال كانت الزوجة أخذت مال الزوج بغير حق؛ فعليها التوبة إلى الله، ورد المال للزوج، أو استحلاله منه، وأمّا الأرض التي اشترتها: فلا حرج في إمساكها، ولا يحرم الانتفاع بها، وإذا رضي أبوك بأخذها عوضا عن ماله الذي أخذته أمك، فلا حرج في ذلك، وراجع الفتوى: 411778.
هذا؛ وننبه إلى فرضية بر الوالدين، واللطف في التعامل معهما، حتى ولو ظلما الولد، وقصرا في القيام بحقه، واعلم أن وصفك لأبيك بالبخل مخالف لما أمر الله به من بر الوالدين، والقول الكريم لهما.
والله أعلم.