الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المرأة التي وُصِفَتْ على هذه الحال بالسؤال، قد جمعت بين محذورين:
المحذور الأول: شكها في زوجها، والأصل في المسلم السلامة عن إتيان ما يشين، والواجب إحسان الظن به، ويحرم سوء الظن، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ {الحجرات: 12}.
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: إياكم والظن؛ فإن الظن أكذب الحديث. ومثل هذا الظن غالباً ما يقود إلى أقوال وأفعال لا يرضاها الشرع.
قال السعدي في تفسيره: نهى الله -تعالى- عن كثير من الظن السوء بالمؤمنين، فـ {إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} وذلك كالظن الخالي من الحقيقة والقرينة، وكظن السوء، الذي يقترن به كثير من الأقوال، والأفعال المحرمة، فإن بقاء ظن السوء بالقلب، لا يقتصر صاحبه على مجرد ذلك، بل لا يزال به، حتى يقول ما لا ينبغي، ويفعل ما لا ينبغي، وفي ذلك أيضًا، إساءة الظن بالمسلم، وبغضه، وعداوته المأمور بخلاف ذلك منه. انتهى.
المحذور الثاني: مجافاتها لزوجها، سواء كان ذلك في عموم تعاملها معه، أو كان بشأن هجرها فراش زوجها.
وقد ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا باتت المرأة مهاجرة فراش زوجها، لعنتها الملائكة حتى ترجع. وهذا كله يدل على نشوزها.
ومما جاء في بيان معنى النشوز ما ذكره زكريا الأنصاري في الغرر البهية بقوله: وإذا زوج يلحظ منها -أي من زوجته- أمارة النشوز قولاً كأن تجيبه بكلام خشن بعد أن كان بلين، أو فعلاً كأن يجد منها إعراضاً وعبوساً بعد لطف وطلاقة وجه، يعظ أي: يعظها ندباً. انتهي.
وكيفية علاج النشوز سبق بيانها في الفتوى: 1103.
هذا ونوصي الزوج بالسعي في محاولة التعرف على سبب شك زوجته فيه، فقد يكون حدث منه تصرف أساءت فهمه فيبين لها الحقيقة، ثم إنه ينبغي البعد عن مواطن الشبهات التي قد تكون من دواعي مثل هذا الشك.
ومن شأن المؤمن اجتناب مواطن الشبهات، كما سبق وأن بينا في الفتوى: 55903.
والله أعلم.