الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الرجل إذا طلق زوجته ثلاث طلقات فقد بانت منه بينونة كبرى، فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، كما هو نص القرآن في قوله تعالى: فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ {البقرة: 230}.
فإذا انقضت عدتها منه جاز لها الزواج من غيره، فإن تزوجت هذه المرأة بعد العدة، وكان الزواج مستوفيا شروط الصحة، ومن أهمها الولي والشهود، فهو زواج صحيح، وراجع الفتوى: 1766
واعتبار الزواج عرفيا بهذا المعنى لا تأثير له على صحته، وانظر للمزيد الفتوى: 5962.
وعدم توثيق الطلاق ليس شرطا لوقوعه، كما أن عدم توثيق الزواج ليس شرطا لصحته، ولكن هذا التوثيق صار ضرورة واقعية لحفظ الحقوق، واجتناب الأضرار، والمفاسد التي يمكن أن تترتب على ذلك.
قال ابن جزي -المالكي- في القوانين الفقهية: المسألة الخامسة: في كتاب الصداق، وليس شرطًا، وإنما يكتب هو وسائر الوثائق، توثيقًا للحقوق، ورفعًا للنزاع. اهـ.
ويدخل ذلك عموما في المصالح المرسلة -أي التي لم يرد دليل من الشرع باعتبارها، أو إلغائها- والمراد بها تحقيق مقصود الشرع في جلب المصالح، ودفع المفاسد، ورفع الحرج عن الأمة.
والله أعلم.