الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك أن تأخذ أجرة مقابل سعيك في شراء خدمات الإنترنت وبيعها، وكون أجرتك نسبة معلومة من الربح؛ قد أجازها بعض أهل العلم، وقد بينا ذلك في الفتوى: 178885.
والقول بالجواز قول قويّ، وقد رجّحه شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-.
فقد جاء في الفتاوى الكبرى: الْمُسَاقَاةُ، وَالْمُزَارَعَةُ، وَالْمُضَارَبَةُ، وَنَحْوُهُنَّ مِن الْمُشَارَكَاتِ عَلَى مَا يَحْصُلُ، مَنْ قَالَ هِيَ إجَارَةٌ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ أَو الْعَامِّ، فَقَدْ صَدَقَ، وَمَنْ قَالَ هِيَ إجَارَةٌ بِالْمَعْنَى الْخَاصِّ، فَقَدْ أَخْطَأَ.
وَإِذَا كَانَتْ إجَارَةً بِالْمَعْنَى الْعَامِّ، الَّتِي هِيَ الْجَعَالَةُ، فَهُنَالِكَ إنْ كَانَ الْعِوَضُ شَيْئًا مَضْمُونًا مِنْ دَيْنٍ، أَوْ عَيْنٍ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا. وَإِنْ كَانَ الْعِوَضُ مِمَّا يَحْصُلُ مِن الْعَمَلِ، جَازَ أَنْ يَكُونَ جُزْءًا شَائِعًا، كَمَا لَوْ قَالَ الْأَمِيرُ فِي الْغَزْوِ: مَنْ دَلَّنَا عَلَى حِصْنِ كَذَا، فَلَهُ مِنْهُ كَذَا، فَحُصُولُ الْجَعْلِ هُنَاكَ الْمَشْرُوطُ بِحُصُولِ الْمَالِ، مَعَ أَنَّهُ جَعَالَةٌ مَحْضَةٌ، لَا شَرِكَةَ فِيهِ، فَالشَّرِكَةُ أَوْلَى وَأَحْرَى. انتهى.
وأما سؤالك الثاني: عن العمولة التي تعطونها لمندوب الشركة التي تبيعون لها خدمة الإنترنت، فلا يجوز لكم إعطاؤها للمندوب إلا إذا كان ذلك بعلم شركته وموافقتها؛ وذلك أن الموظف لا يحل له أن يأخذ عمولة مقابل عمله الذي تعاقد مع صاحب العمل على القيام به -إلا إن أذن له صاحب العمل بأخذ العمولة -. وانظر الفتوى: 232558.
وأما العقود والصفقات التي أبرمتموها مع شركة ذلك المندوب، فلا يؤثر في صحتها ما دفعتموه من عمولة للمندوب، ولا يلزمكم إلغاؤها، والأرباح المترتبة عليها مباحة لكم.
والله أعلم.