الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالمرأة التي تشكو زوجها إلى أهلها بغير حق، وتذكر من حاله ما لا يريد أن يعلم به أحد آثمة، وظالمة لزوجها، إلا إن كانت تشكوه بحق قاصدة الإصلاح؛ فلا حرج عليها في ذلك، لكن إن كانت تقدر على الصبر فهو أولى، ففي المعجم الكبير للطبراني عن أم سلمة، قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إني أبغض المرأة تخرج من بيتها، تجر ذيلها تشكو زوجها.
قال المناوي -رحمه الله- في التنوير شرح الجامع الصغير:
أي تخرج إلى عند الحاكم شاكية منه، ويحتمل إلى الناس كأهلها، وجيرانها، ويحتمل على حق، أو على باطل، فالأول كراهة تنزيه، والثاني حظر، وفيه أن الأولى لها الصبر. انتهى.
وإذا احتاجت المرأة إلى الشكوى من زوجها؛ فعليها أن تقتصر على قدر الحاجة، ولا تفضح زوجها، ولا سيما إذا كانت الشكوى تتعلق بأمور المعاشرة الزوجية، فإفشاء ذلك دون حاجة؛ مناف للحياء، والمروءة، وليس فيه رعاية لحق العشرة.
وعلى الزوج أن يعفّ زوجته على قدر طاقته، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- : وَيَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَطَأَ زَوْجَتَهُ بِالْمَعْرُوفِ، وَهُوَ مِنْ أَوْكَدِ حَقِّهَا عَلَيْهِ أَعْظَمَ مِنْ إطْعَامِهَا، وَالْوَطْءُ الْوَاجِبُ قِيلَ: إنَّهُ وَاجِبٌ فِي كُلِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مَرَّةً، وَقِيلَ: بِقَدْرِ حَاجَتِهَا وَقُدْرَتِهِ، كَمَا يُطْعِمُهَا بِقَدْرِ حَاجَتِهَا وَقُدْرَتِهِ، وَهَذَا أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. انتهى من الفتاوى الكبرى.
والواجب على الزوجة طاعة زوجها إذا دعاها إلى الفراش، ما لم يكن لها عذر كالحيض، أو الصوم الواجب، أو المرض، أو كان الجماع يضرها، أمّا مجرد التعب اليسير؛ فليس بعذر.
قال مرعي الكرمي -رحمه الله- في دليل الطالب: وللزوج أن يستمتع بزوجته كل وقت، على أي صفة كانت، ما لم يضرها، أو يشغلها عن الفرائض. انتهى.
واعلم أنّ العلاقة بين الزوجين ينبغي أن تقوم على التفاهم، والتواد، والتراحم، والتجاوز عن الهفوات.
والله أعلم.