الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما وقعت فيه ذنب عظيم، ففيه خيانة للأمانة، وأكل لمال الغير بالباطل، ومن وقع منه ذلك، فيجب عليه التوبة إلى الله تعالى.
وندمك دليل صادق على توبتك، فالندم توبة، كما صح بذلك الحديث، ولكن من شرط التوبة حين يكون الذنب متعلقًا بأكل حقوق الآخرين أن ترد حقوقهم إليهم. لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه أحمد والترمذي وغيرهما.
وأما كيفية رد حقوقهم: فالذي يظهر من السؤال أنك وكيلة عن المتبرعين في صرف تلك الأموال، ولست وكيلة عن اليتامى في قبضها بدلًا عنهم، وإذا كان هذا هو الواقع، فاليتامى الذين وُكِّلتِ في صرف الأموال إليهم لا يخلو حالهم من أمرين:
أولهما: أن يكون اليتامى غير معينين بأعيانهم وأسمائهم، وإنما بوصفهم يتامى يدرسون في الروضة -كما ذكرتِ- أي أن المتبرع أراد إنفاق المال على يتامى غير معينين، ولكن يدرسون في الروضة، وهذا هو الأقرب وفي هذه الحال يمكن صرف المال الذي أخذتيه في أي يتامى يدرسون في الروضة، وينطبق عليهم وصف الاستحقاق ومن باب أولى لوكانوا أشد حاجة وفقرا.
ثانيهما: أن يكون أولئك اليتامى الذين وكلت في صرف المال إليهم معينين بأسمائهم، واشترط المتبرعون الدفع إليهم في أحوال معينة، كالدفع إلى أحدهم حال فقره، أو حال دراسته في الروضة، أو قبل بلوغه، ففي هذه الحالة من لا يزال على تلك الصفة وجب عليك أن تدفعي له من المال بقدر ما أخذتِ، ومن كان منهم قد زالت عنه تلك الصفة، أو كان قد مات، فالواجب عليك رد المال إلى المتبرع، لأنك وكيلة عنه في صرف المال لأشخاص معينين موصوفين بوصف مقصود للمتبرع، وقد زال عنهم الوصف، ولم تصرفيه إليهم، فوجب رد المال إلى المتبرع.
هذا ما يظهر لنا في كيفية رد تلك الحقوق.
والله أعلم.