الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنقول أوَّلًا: إن من أهم ما ننصحكم به الصبر، وكثرة الدعاء أن يذهب الله -سبحانه- عنك وعن زوجك، وعن الأولاد ما تجدون، وأن يشفي المرضى، ويصلح الحال، فالله -تبارك وتعالى- على كل شيء قدير، وهو القائل في محكم كتابه: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ {النمل:62}.
ثانيا: عليك بالتفاهم مع زوجك، والاجتهاد في البحث عن سبب هذا الشعور، وهذه الأمراض، والعمل على معالجة كل سبب بما يناسب من الحلول، والرقية الشرعية نافعة، سواء كان السبب عاديًّا، أم غير عاديٍّ كالسحر ونحوه، وحَسَنٌ أن تحافظي على الأذكار، وقراءة سورة البقرة، فعليك بالاستمرار في ذلك، ويمكن الاستعانة ببعض أهل الاستقامة في العقيدة والعمل من الرقاة عند الحاجة لذلك.
وإذا كان هنالك ضرر حقيقي، وغلب على الظن أن يكون سببه هذا البيت، فمن حقك على زوجك أن يوفر لكم مسكنًا آخر لا يلحقكم فيه ضرر، فالضرر مرفوع ومدفوع، كما يقول الفقهاء، وفي حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا ضرر ولا ضرار.
وقد يجعل الله تعالى في بعض البيوت ضررًا لساكنه -بإذن الله تعالى-، فيكون مشؤوما.
قال النووي في شرحه على صحيح مسلم، عند كلامه عن حديث: الشؤم في ثلاثة: واختلف العلماء في هذا الحديث، فقال مالك وطائفة: هو على ظاهره، وأن الدار قد يجعل الله تعالى سكناها سببًا للضرر، أو الهلاك، وكذا اتخاذ المرأة المعينة، أو الفرس، أو الخادم، قد يحصل الهلاك عنده بقضاء الله تعالى، ومعناه: قد يحصل الشؤم في هذه الثلاثة، كما صرح به في رواية: إن يكن الشؤم في شيء. وقال الخطابي وكثيرون: هو في معنى الاستثناء من الطيرة: أي الطيرة منهي عنها، إلا أن يكون له دار يكره سكناها، أو امرأة يكره صحبتها، أو فرس، أو خادم، فليفارق الجميع بالبيع ونحوه، وطلاق المرأة... انتهى.
وإذا كانت أُمُّه في حاجة للرعاية: فهذا لا يسقط عنه توفير هذا المسكن لكم، فهو مطالب بأن يعطي أُمَّه حقها، ويعطي زوجته حقها، ويمكنك أن تشيري عليه بأن يبحث لكم عن مسكن قريب من مسكن أُمِّه، فتكونوا قريبًا منها، فتمكن رعايتها، ويزول الإشكال من أصله، أو يحاول إقناع أمه بالانتقال معكم عن هذا المسكن.
والضرر الحقيقي يسوِّغ للمرأة الخروج من البيت بغير إذن الزوج، ويبيح لها طلب الطلاق، كما بيَّنَّا في الفتوى: 372034.
ولكن ينبغي التروي في سلوك هذا الاتجاه، والنظر في أمر المصلحة، والغالب أن لا تكون هنالك مصلحة راجحة، بل فيه مفسدة راجحة في الغالب، وتعقيد المشكلة، وتشتت الأسرة بعد الطلاق، وضياع الأولاد.
فننصح بالتفاهم بينك وبين زوجك في إطار الاحترام المتبادل بينكما، والاستعانة ببعض العقلاء، وتوسيطهم عند الحاجة لذلك.
والله أعلم.