الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلم تبيني لنا أجل المهر المؤخر المتفق عليه مع الزوج؛ هل له أجل محدد؟ أم ليس له أجل محدد؟ أم له أجل مجهول؟
فإن كان له أجل محدد؛ فلك المطالبة به عند حلول أجله، وإذا لم يكن له أجل محدد؛ فأجله الموت أو الفرقة.
وإن كان له أجل مجهول؛ فالراجح عندنا؛ أنّ هذه الأجل لا يصح، ويكون المهر حالًّا، فلك المطالبة به على الفور.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: ويجوز أن يكون الصداق معجلا، ومؤجلا، وبعضه معجلا وبعضه مؤجلا؛ لأنه عوض في معاوضة، فجاز ذلك فيه كالثمن. ثم إن أطلق ذكره اقتضى الحلول، كما لو أطلق ذكر الثمن. وإن شرطه مؤجلا إلى وقت، فهو إلى أجله. وإن أجله ولم يذكر أجله، فقال القاضي: المهر صحيح. ومحله الفرقة؛ فإن أحمد قال: إذا تزوج على العاجل والآجل، لا يحل الآجل إلا بموت أو فرقة.
...... فأما إن جعل للآجل مدة مجهولة، كقدوم زيد ومجيء المطر، ونحوه، لم يصح؛ لأنه مجهول، وإنما صح المطلق لأن أجله الفرقة بحكم العادة، وها هنا صرفه عن العادة بذكر الأجل، ولم يبينه، فبقي مجهولا، فيحتمل أن تبطل التسمية، ويحتمل أن يبطل التأجيل ويحل. انتهى.
وقال البهوتي في كشاف القناع: فإن جعل أجله مدة مجهولة كقدوم زيد، لم يصح التأجيل؛ لجهالته. وإنما صح المطلق لأن أجله الفرقة بحكم العادة، وقد صرف هنا من العادة ذكر الأجل، ولم يبينه، فبقي مجهولا.
قال في الشرح: فيحتمل أن تبطل التسمية، ويحتمل أن يبطل التأجيل ويحل. انتهى.
قلت: الثاني هو قياس ما تقدم في المبيع. انتهى.
فالواجب على الزوج أن يؤدي المهر المؤجل عند حلول أجله، وغير المؤجل يؤديه فورا متى قدر على أدائه، ولا يحل له أن يماطل فيه، أو يمتنع من أدائه.
وأمّا النفقة الواجبة على الزوج؛ فهي قدر الكفاية من المأكل والمسكن والملبس، اعتبارا بحال الزوجين -على القول الراجح عندنا-، ولا يلزم الزوج أن يعطي زوجته مصروفًا زائدًا عن النفقة الواجبة، لكنّه من الإحسان المندوب إليه، وانظري الفتوى: 132322.
فإن كان الزوج أعطى زوجته زيادة على نفقتها الواجبة؛ فهذا إحسان؛ لكن ليس له أن يحتسب هذه الزيادة من المهر المؤجل دون علم زوجته ورضاها.
والله أعلم.