الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالأثر المذكور رواه عبد الرَّزَّاق في مصنفه، وَالطَّبَرَانِيّ في الكبير، وابن جرير في تفسيره، عن ابن مسعود -رضي الله عنه- موقوفًا عليه، قال الحافظ ابن حجر في الفتح: وَهُوَ مَوْقُوفٌ ـ يعني على ابن مسعود.
وصحح إسناده إلى ابن مسعود: الهيثمي في مجمع الزوائد، وابن كثير في تفسيره.
وهو محمول على الرفع، لأنه مما لا مجال للرأي فيه.
قال ابن مايابى في كوثر المعاني الدراري، في كشف خبايا صحيح البخاري: وعند عبد الرزاق، والطبراني عن ابن مسعود: أكبر الكبائر: الإشراك بالله، والأمن من مكر الله، والقنوط من رحمة الله، واليأس من روح الله. وهو موقوف، قلت: هذا لا مجال للرأي فيه، فهو في حكم المرفوع. اهـ
وقد ورد بعضه مرفوعًا، كما في حديث البزار، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- متكئا، فدخل عليه رجل، فقال: ما الكبائر؟ فقال: الشرك بالله، والإياس من روح الله، والقنوط من رحمة الله. والحديث قَالَ فيه الْعِرَاقِي: إِسْنَاده حسن، وحسنه الألباني في صحيح الجامع.
ويؤيد صحة المعنى ما جاء في نصوص الوحي من القرآن والسنة من بيان خطر هذه الكبائر؛ فقد قال الله -تعالى- عن الشرك بالله: إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ {المائدة:72}.
وقال تعالى عن الأمن من مكر الله: أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ {الأعراف:99}.
وقال تعالى عن القنوط من رحمة الله: قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ {الحجر:56}.
وقال تعالى عن اليأس من روح الله: وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ {يوسف:87}.
والله أعلم.