الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كانت هذه حال زوجك في تعامله معك؛ فهو مسيء للعشرة، ومفرط في الحقوق، وهو بذلك مخالف لما جاء في القرآن والسنة من الأمر بحسن الزوجة، كما في قول المولى -تبارك وتعالى-: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء:19}.
وثبت في سنن الترمذي عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: خيركم، خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي. وحقًّا كان -عليه الصلاة والسلام- خير الأزواج لزوجاته، وللمؤمن أسوة حسنة فيه.
وللمزيد، يمكن مطالعة الفتوى: 99541.
وقد أحسنت بصبرك عليه، وعدم المبادرة إلى طلب الطلاق أو الخلع؛ إذ الغالب أن يكون في ذلك ضرر عظيم على الأولاد، فإنهم يتأثرون بالفراق بين الوالدين.
فنوصيك بكثرة الدعاء لزوجك، وسؤال الله -عز وجل- أن يصلح حاله، ويلهمه الرشد والصواب، وابذلي له النصح برفق ولين. واستعيني عليه ببعض أهل الرأي والفضل ممن ترجين أن يسمع لقولهم، ويستجيب لهم.
ومعاملتك السيئة له إن كان المقصود بها معاملته بالمثل، فإن هذا مما أجازه بعض العلماء، مستدلين بقول الله تعالى: فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ {البقرة:194}.
وإلى هذا أشار ابن مايابى في منظومته، حيث قال:
ولا إساءة إذا الزوج ابتدا بمثلها؛ لقوله من اعتدى
ولكن نرى أن من الحكمة عدم استعمال مثل هذا الأسلوب مع الزوج؛ لأن فيه صب الزيت على النار، وتعقيدا للمشكلة، وسبق أن أرشدنا إلى السعي في سبيل الحل، ومعالجة الأمر.
وننبه في الختام إلى أمرين:
الأول: أن نفقة الزوجة وأولادها واجبة على الزوج، ولا يجب عليها أن تنفق على نفسها، ولا على أولادها، ولو كانت غنية.
وقد نقل ابن القيم في زاد المعاد قول أهل العلم: ونفقة الزوجة تجب مع استغنائها بمالها.... انتهى.
الثاني: يجب على الزوج أن يؤدي حق زوجته في المبيت عندها، فإن قام بذلك، فلا حرج عليه أن يبيت أحيانا عند أهله، بشرط أن يترك زوجته وأولاده في حال أمان، ولا يلزم الزوج أن يبيت مع زوجته كل ليلة.
وانظري للمزيد، الفتوى: 120153.
والله أعلم.