الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فأما انفعال أبيك على السائق: فإن تضمن معصية كَسَبِّه بغير حق، أو نحو ذلك، فأبوك آثم. وأما إن كان انفعاله عليه بحق، ولم يتضمن معصية، فلا إثم عليه.
ثم إن كان أبوك قد أخطأ في حق السائق، فعليه أن يعتذر له، ويطيب خاطره بما أمكن، وإلا؛ فلا شيء عليه.
وبكل حال؛ فاستغفارك لأبيك عمل حسن صالح، يرجى أن تنتفعي به أنت وهو -إن شاء الله-، كما قال الله لنبيه -صلى الله عليه وسلم-: وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ {محمد:19}.
وفي مصنف عبد الرزاق، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَسْتَغْفِرُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ، فَإِنَّ ذَلِكَ الْوَاجِبُ عَلَى النَّاسِ، قَالَ اللهُ لِنَبِيِّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: واسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ {محمد: 19} قُلْتُ: أَفَتَدَعُ ذَلِكَ فِي الْمَكْتُوبَةِ أَبَدًا؟ قَالَ: لَا، قُلْتُ: فَبِمَنْ تَبْدَأُ، بِنَفْسِكَ؟ أَمْ بِالْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: بَلْ بِنَفْسِي، كَمَا قَالَ اللهُ: وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ {محمد: 19}.
وروى الطبراني من حديث عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: من استغفر للمؤمنين والمؤمنات، كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة.
وإذا كان هذا في عموم المؤمنين، فإنه في حق الوالدين آكد وأولى، كما قال الله حكاية عن نوح عليه السلام: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ {نوح:28}.
والله أعلم.