الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإننا ابتداء نعزيك في هذه المصيبة، ونقول: إن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، فاصبر واحتسب، كما نسأل الله تعالى أن ينزلهم منازل الشهداء.
وأما عن التوارث بينهم، فما دام لا يعلم من الميت أوّلًا، ومن الميت لاحقًا، فإنه لا توارث بينهم، في قول جمهور أهل العلم، ومالُ كلِّ واحدٍ منهم يرثه من بقي من ورثته الأحياء، وقد فصلنا هذه المسألة في الفتويين: 18381، 74910.
وأما إخبار زوجة أخيك بأن زوجها لم يمت عند انهيار المبنى، وأنه حادثها: فهذا الإخبار لا يترتب عليه أن يرث زوجها من أبيه، وأمه، وإخوانه، لأمرين:
أولهما: أن هذا الإخبار لا يحصل به العلم بتقدم وفاة أبيه، وأمه، وإخوانه عليه، وتأخر موته هو عنهم، فربما تأخر موتهم هم أيضا، ولم يموتوا عند الهدم.
ثانيهما: لو فرضنا أنها أخبرت أنهم ماتوا قبله، فإن من موانع قبول الشهادة أن يجر الشاهد نفعا لنفسه بشهادته، فلا تقبل شهادته حينئذ، لمظنة التهمة.
قال زكريا الأنصاري الشافعي في أسنى المطالب، في شروط قبول الشهادة: الشَّرْطُ السَّادِسُ: عَدَمُ التُّهْمَةِ، فَمَنْ جَرَّ بِشَهَادَتِهِ لِنَفْسِهِ نَفْعًا، أَوْ دَفَعَ بِهَا عَنْهُ ضَرَرًا، رُدَّتْ شَهَادَتُهُ، فَلَا تُقْبَلُ. اهــ.
وقال منصور البهوتي الحنبلي في كشاف القناع، عند ذكره لموانع الشهادة: الثَّالِثُ مِنْ مَوَانِعِ الشَّهَادَةِ: أَنْ يَجُرَّ الشَّاهِدُ إلَى نَفْسِهِ نَفْعًا بِشَهَادَةٍ. اهــ.
ولا شك أن زوجة أخيك تنتفع بهذه الشهادة، وتجر لنفسها نفعًا، لأنه إن حُكِمَ بها، ورث زوجها من أبيه، وأمه، وربما إخوانه، فيزيد نصيبها هي من ميراث زوجها.
والله أعلم.