الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما قرأتِ عن المالكية من أن النجاسة لا تنتقل بعد إزالة عينها بغير المطلق، مع بقاء حكمها؛ صحيح، وهو مشهور المذهب.
قال خليل -المالكي- في المختصر، مع توضيح لبعض شراحه: وَلَوْ زَالَ عَيْنُ النَّجَاسَةِ بِغَيْرِ الْمُطْلَقِ لَمْ يَتَنَجَّسْ مُلَاقِي مَحَلِّهَا... يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أُزِيلَتْ النَّجَاسَةُ بِغَيْرِ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ إمَّا بِمَاءٍ مُضَافٍ، أَوْ بِشَيْءٍ قلاعٍ غَيْرِ الْمَاءِ كَالْخَلِّ وَنَحْوِهِ، وَقُلْنَا إنَّ ذَلِكَ لَا يُطَهِّرُ مَحَلَّ النَّجَاسَةِ، وَإِنَّهُ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ بِهَا، وَلَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ بِهِ، ثُمَّ لَاقَى ذَلِكَ الْمَحَلّ وَهُوَ مَبْلُولٌ شَيْئًا، أَوْ لَاقَاهُ شَيْءٌ مَبْلُولٌ بَعْدَ أَنْ جَفَّ، أَوْ فِي حَالِ بَلَلِهِ، لَا يَنْجَسُ. انتهى.
وعلى هذا المذهب؛ فإن الشيء المتنجس -كرسيًّا كان أو ثوبًا- إذا زالت عنه عين النجاسة، وبقي هو نفسه في حكم المتنجس، فإن هذا الحكم لا ينتقل إلى غيره من الطاهرات؛ سواء كانت يابسة أو مبلولة، أو كان هو يابسا أو مبلولا.
بل قد ذهب بعض أهل العلم -كما هو مذهب الإمام أبي حنيفة ورواية عن أحمد وهي اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية- إلى أن النجاسة لو كانت موجودة، ثم أزيلت سواء بفعل فاعل أم لا، فلا يتعين الماء، فإذا زالت النجاسة بأي شيء زال حكمها.
كما سبق بيانه في الفتوى: 110609.
وللمزيد عن مذاهب أهل العلم في هذه المسألة، انظري الفتوى: 62420.
والله أعلم.