الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فأما نفس الأرض التي اشتريتها فلا زكاة فيها؛ لكونها غير معدة للتجارة، وإنما تجب الزكاة فيما ينتج منها من محصول إن كان زكويا، والمحاصيل التي تجب فيها الزكاة هي كل مكيل من حب، أو ثمر عند الحنابلة، ولا تجب إلا في المقتات المدخر عند الشافعية، والمالكية، وتجب في كل خارج من الأرض عند الأحناف.
والمفتى به عندنا أنها تجب في كل قوت كالبر، والأرز، وثمر النخيل، والأعناب ونحو ذلك، وهو مذهب الشافعية كما ذكرنا.
قال الخطيب الشربيني في تعليل اختيار هذا القول: (تختص بِالْقُوتِ) ؛ لِأَنَّ الِاقْتِيَاتَ مِن الضَّرُورِيَّاتِ الَّتِي لَا حَيَاةَ بِدُونِهِ، فَلِذَلِكَ أَوْجَبَ الشَّارِعُ مِنْهُ شَيْئًا لِأَرْبَابِ الضَّرُورَاتِ، بِخِلَافِ مَا يُؤْكَلُ تَنَعُّمًا، أَوْ تَأَدُّمًا كَالتِّينِ، وَالسَّفَرْجَلِ، وَالرُّمَّانِ. وَالْقُوتُ أَشْرَفُ النَّبَاتِ، وَهُوَ مَا يَقُومُ بِهِ بَدَنُ الْإِنْسَانِ مِن الطَّعَامِ، قِيلَ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لِبَقَاءِ نَفْعِهِ فِي الْمَعِدَةِ، وَمِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى الْمُقِيتُ، وَهُوَ الَّذِي يُعْطِي أَقْوَاتَ الْخَلَائِقِ. انتهى.
فإذا علمت هذا، فإن كان ما تزرعه في تلك الأرض زكويا، وبلغت حصتك منه نصابا، وهو خمسة أوسق، فعليك زكاته، وهي نصف عشره ما دام يسقى بالآلة، وعشره إن كان يسقى من دونها، وانظر الفتويين: 221827، 119852.
وعليك أن تزكي حصتك من المحصول، وعلى شريكك أن يزكي حصته إذا بلغت نصابا، وانظر الفتوى: 348922.
والله أعلم.