الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس هناك حديث باللفظ المذكور -فيما نعلم- ولعل السائل يعني ما جاء في كيفية التعامل مع الحيات التي تدخل البيوت، وأن الإنسان يُحَرِّج عليها ثلاثا.
فقد روى مالك في الموطأ، ومسلم في صحيحه، من حديث أبي سعيد الخدري في قصة الرجل الذي وجد حية في فراشه فقتلها، فمات هو أيضا.
وفيه: إِنَّ بِالْمَدِينَةِ جِنًّا قَدْ أَسْلَمُوا، فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهُمْ شَيْئًا، فَآذِنُوهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ. فَإِنْ بَدَا لَكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ، فَاقْتُلُوهُ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ.
وفي لفظ لمسلم: إِنَّ لِهَذِهِ الْبُيُوتِ عَوَامِرَ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ شَيْئًا مِنْهَا فَحَرِّجُوا عَلَيْهَا ثَلَاثًا. فَإِنْ ذَهَبَ، وَإِلَّا فَاقْتُلُوهُ، فَإِنَّهُ كَافِرٌ.
ولأبي داود في السنن: إِنَّ الْهَوَامَّ مِنَ الْجِنِّ، فَمَنْ رَأَى فِي بَيْتِهِ شَيْئًا، فَلْيُحَرِّجْ عَلَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. فَإِنْ عَادَ فَلْيَقْتُلْهُ، فَإِنَّهُ شَيْطَانٌ.
قال النووي في شرحه: (فَاقْتُلُوهُ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ) قَالَ الْعُلَمَاءُ: مَعْنَاهُ وَإِذَا لَمْ يَذْهَبْ بِالْإِنْذَارِ عَلِمْتُمْ أَنَّهُ ليس من عوامر البيوت، ولا ممن أسلم من الجن، بل هو شيطان فلا حرمة عَلَيْكُمْ، فَاقْتُلُوهُ. وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُ سَبِيلًا لِلِانْتِصَارِ عَلَيْكُمْ بِثَأْرِهِ، بِخِلَافِ الْعَوَامِرِ وَمَنْ أَسْلَمَ. اهــ.
وقد بين العلماء صفة الإيذان أو التحريج عليه.
قال القرطبي في المفهم: (قوله: فحرِّجوا عليها ثلاثًا) قال مالك: يكفي في الإنذار أن يقول: أحرِّج عليك بالله واليوم الآخر ألا تبدو لنا، ولا تؤذينا. وحكى ابن حبيب عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنَّه يقول: (أنشدكن بالعهد الذي أخذ عليكن سليمان ألا تؤذوننا، وألا تظهرن علينا). اهــ.
وفي عون المعبود: (فَلْيُحَرِّجْ) مِنَ التَّحْرِيجِ بِمَعْنَى التَّضْيِيقِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُنَّ: أَنْتُنَّ فِي حَرَجٍ وَضِيقٍ، إِنْ عُدْتُنَّ إِلَيْنَا فَلَا تَلُومُنَّنَا أَنْ نُضَيِّقَ عَلَيْكُمْ بِالتَّتَبُّعِ وَالطَّرْدِ وَالْقَتْلِ. اهــ.
وانظري الفتوى: 196181.
والله أعلم.