الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الدعاء على المسلم المعين الواقع في المعصية لا يجوز، لنهيه صلى الله عليه وسلم عن الدعاء على الرجل الذي شرب الخمر، كما في حديث البخاري.
وأما الدعاء عليه بسبب ظلمه وإيذائه لك، فهو جائز ويستجاب لك، ولو لم تكن ملتزما كما يدل له حديث الصحيحين: واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب.
وقد ثبت في الصحيح أن سعد بن أبي وقاص دعا على من ظلمه وأن سعيد بن زيد دعا على امرأة ظلمته فاستجيب لهما.
ولكن ترك الدعاء على الظالم أفضل ، كما يدل لذلك قول الله تعالى: [وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ] (النحل: 126)، وقوله تعالى: [وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ] (الشورى:43).
وأما من لا يستجيب للنصائح، فالذي ينبغي هو الدعاء له بالهداية والإنابة إلى الله ، وليس الدعاء عليه، ففي صحيح مسلم وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كنت أدعو أمي إلى الإسلام وهي مشركة فدعوتها يوما فأسمعتني في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أكره، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي، قلت يا رسول الله: إني كنت أدعو أمي إلى الإسلام فتأبى عليّ فدعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره، فادع الله أن يهدي أم أبي هريرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم اهد أم أبي هريرة، فخرجت مستبشرا بدعوة نبي الله صلى الله عليه وسلم، فما جئت فصرت إلى الباب فإذا هو مجاف فسمعَتْ أمي خشف قدمَيَّ فقالت: مكانك يا أبا هريرة، وسمعْتُ خضخضة الماء، قال: فاغتسلَتْ ولبست درعها وعجلت عن خمارها ففتحت الباب ثم قالت: يا أبا هريرة: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، قال: فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته وأنا أبكي من شدة الفرح، قال: قلت يا رسول الله: أبشر قد استجاب الله دعوتك وهدى أم أبي هريرة، فحمد الله وأثنى عليه، وقال خيرا... إلى آخر الحديث.
وراجع لمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 20322، والفتوى رقم: 7618، وراجع شروط إجابة الدعاء في الفتوى رقم: 2395.
والله أعلم.