الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فدعاؤك بتيسير ذلك الشيء بعدما استخرت الله، وصرفك عنه، لا ينافي الرضا بالقضاء، والتسليم لأمر الله، فربما يصرفك الله عنه، ويصرفه عنك فترة؛ لأنه لا خير لك فيه في تلك الفترة، ثم يرزقك إياه بسبب دعائك في وقت آخر يكون فيه الخير لك.
وعلى كل؛ فإنه يشرع للعبد الدعاء بتيسير ما يطلبه، ويتمناه، وأن يجعل الله له فيه الخير، ويدل لذلك ما روى ابن ماجه، عن عائشة -رضي الله عنها- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَّمَهَا هَذَا الدُّعَاءَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ، وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْتُ مِنْهُ، وَمَا لَمْ أَعْلَمْ... إلى قوله: وَأَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ كُلَّ قَضَاءٍ قَضَيْتَهُ لِي خَيْرًا. صححه الألباني.
وفي الحديث: إذا تمنى أحدكم فليتكثر، فإنما يسأل ربه، وفي رواية: فليكثر. رواه الطبراني، وصححه الألباني.
قال المناوي في التيسير بشرح الجامع الصغير: فَإِنَّمَا يسْأَل ربه عز وَجل، فيعظم الرَّغْبَة، ويوسع المسألة، فَلَا يختصر وَلَا يقْتَصر، فَإِن خَزَائِن الْجُود سحاء اللَّيْل وَالنَّهَار. انتهى.
وفائدة الاستخارة، كفائدة الدعاء عمومًا؛ فهو يرُدُّ القضاء، ويدفع البلاء، وينفع مما نزل، ومما لم ينزل، وهو مع ذلك من جملة القدر، فيفرّ المرء به من قدر الله، إلى قدر الله، ويستعمله سببًا، ويتوكّل على الله، ويحرص على ما ينفعه، ويفوّض أمره إلى الله.
وليجعل المرء نصب عينيه قول الله تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة: 216}.
والله أعلم.