الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق وأن بينا أن الزواج الصحيح له شروطه التي يجب أن تتوفر فيه، ومن أهم هذه الشروط الولي والشهود، وراجع فتوانا: 1766.
وإن كان ما تم بينك وبين والد هذه الفتاة هي صيغة الإيجاب والقبول، بأن قال لك: زوجتك ابنتي، ورددت عليه بالقبول، ولم يكن ذلك بحضور الشهود. فهذا الزواج باطل في قول جمهور الفقهاء الذين يشترطون حضور شاهدين في مجلس العقد، خلافا للمالكية.
وسبق لنا بيان ذلك في الفتوى: 52127. وهذا فيما يتعلق بما ذكرته عن والدها.
وبخصوص ما تم من عقد آخر عن طريق زوج أمها، فإن لم يكن هذا الرجل من أوليائها، فهو زواج بغير ولي.
وإن كان من أوليائها، كأن يكون عمها، فهو تزويج من الولي الأبعد مع وجود الأقرب، وفي حكمه أيضا خلاف بين الفقهاء، وقد أوضحناه في الفتوى: 32427.
ومجرد عدم رد الولي الأقرب على الهاتف، لا يسوغ الإقدام على تزويجها دون إذنه.
وكما ترى ففي الصورتين خلاف بين الفقهاء، فننصح بعرض الأمر على المحكمة الشرعية، فحكم القاضي يرفع الخلاف في مسائل الاجتهاد.
جاء في كتاب أنوار البروق، في أنواع الفروق للقرافي المالكي: اعلم أن حكم الحاكم في مسائل الاجتهاد يرفع الخلاف، ويرجع المخالف عن مذهبه لمذهب الحاكم، وتتغير فتياه بعد الحكم عما كانت عليه، على القول الصحيح من مذاهب العلماء... انتهى.
هذا بالإضافة إلى أن مثل هذه القضايا قد تكون محلا للنزاع وعُرْضة للخصومات، فهي أجدر بنظر القاضي فيها.
وننبه إلى تحتم الرجوع لأهل العلم قبل الإقدام على الفعل.
قال القرطبي في تفسيره: فرض العامي الذي لا يشتغل باستنباط الأحكام من أصولها؛ لعدم أهليته، فيما لا يعلمه من أمر دِينه، ويحتاج إليه.
أن يقصد أعلم من في زمانه وبلده، فيسأله عن نازلته، فيمتثل فيها فتواه؛ لقوله تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {النحل:43}. وعليه الاجتهاد في أعلم أهل وقته بالبحث عنه؛ حتى يقع عليه الاتفاق من الأكثر من الناس. اهـ.
والفروج يحتاط لها أكثر مما يحتاط لغيرها؛ لكون الأصل فيها التحريم.
قال السيوطي في الأشباه والنظائر: قاعدة: الأصل في الأبضاع التحريم. انتهى.
والله أعلم.