الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أولا: أن مؤخر الصداق دين في حقيقته، وإذا كان المؤخر من الذهب، فإن استبداله بقطعة أرض، لا حرج فيه، وهذا الاستبدال بيع، يشترط له ما يشترط لصحة البيع، ولا يشترط له القبض فورا، عند الاتفاق على الاستبدال، كمن اشترى أرضا بثمن مؤجل، ولكن يجب أن يكون هذا البدل حاضرا، بمعنى أنه ليس في الذمة، بأن يدفع للمرأة بدل مؤخر صداقها من أرض، أو غيرها من السلع، ولا يكون دينا في ذمة الزوج، حتى يتجنب فسخ الدين في الدين.
وأما استبداله بقيمة مالية من النقود: فهذا صرف، ويجوز بشرط القبض فورا، عند الاتفاق على الاستبدال، كما فصلناه في الفتوى: 147731.
لأن صرف الذهب بالعملات الورقية، لا بد فيه من التقابض، ولا يجوز فيه التأخير، كمن اشترى ذهبا بنقود، فإنه يشترط لصحة العقد القبض في مجلسه، ولا يجوز شراء الذهب بالنقود إلى أجل، وقد جاء في حديث ابْنِ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ قَالَ: كُنْتُ أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالْبَقِيعِ، فَأَبِيعُ بِالدَّنَانِيرِ، وَآخُذُ الدَّرَاهِمَ، وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ، وَآخُذُ الدَّنَانِيرَ - وَرُبَّمَا قَالَ: أَقْبِضُ - فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، رُوَيْدَكَ أَسْأَلُكَ: إِنِّي أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالْبَقِيعِ، فَأَبِيعُ بِالدَّنَانِيرِ، وَآخُذُ الدَّرَاهِمَ، وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ، وَآخُذُ الدَّنَانِيرَ، قَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ تَأْخُذَ بِسِعْرِ يَوْمِكَ، مَا لَمْ تَفْتَرِقَا، وَبَيْنَكُمَا شَيْءٌ. اهـ. رواه أبو داود، والنسائي، والحاكم، وغيرهم.
فكذا إذا اتفق الزوج، والزوجة على استبدال مؤخر الصداق ـ الذهب ـ بالعملات الورقية، فلا بأس، بشرط أن يكون بسعر يوم الاتفاق، وأن يقبضها المال دون تأخير، بحيث لا يفترقان، وبينهما شيء.
والله أعلم.