الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فجوابنا يتلخص فيما يلي:
أولا: المسائل التي فيها خلاف ينبغي رفعها إلى المحكمة الشرعية، أو مشافهة من يصلح للفصل في ذلك من أهل العلم، إن لم توجد محاكم شرعية؛ فالفصل في قضايا المنازعات محلُّهُ المحاكمُ الشرعية، أو من ينوب منابها؛ وذلك لأنها الأقدر على السماع من أطراف النزاع، وإدراك حقيقة الدعاوي، والبينات، والدُّفُوع، ثم إصدار الحكم المؤسس على ذلك، وأما المفتي: فإنه لا يَسْمَع إلا من طرفٍ واحد، ولن يكون تصوّره للمسألة، إلا بحسب ما تُتِيْحُه طريقةُ الاستفتاء؛ ولذلك لا يستطيع إصدار الحكم الدقيق في مثل هذه القضايا.
ثانيا: لا يمكننا الحكم على إلغاء المرأة لذلك الوقف الذي أوقفته أولا، ولا الحكم بكونها ألغت نصيب الورثة فقط، لأن هذا يتطلب معرفة نص الوقف، وهل وقفها أصلا متفق على صحته، أو مختلف فيه، وحكمت المحكمة ببطلانه بناء على ترجيحها لعدم الصحة، والذي يمكننا قوله باختصار هو أنكم تطالبون إدارة الوقف بصورة العقد، ومن ثم ينظر فيما يترتب عليه، كما أن الاختلاف بينكم، وبين إدارة الوقف يرجع في فصله إلى المحاكم الشرعية ـ كما ذكرنا.
ثالثا: الوقف على حملة القرآن، ونحوهم إذا تم، فإنه عقد لازم، وليس للواقف الرجوع عنه، ولا فسخه، ولا إلغاؤه، ولا يباع الموقوف، قال في المقنع: وَالْوَقْفُ عَقْدٌ لَازِمٌ، وَلَا يَجُوزُ فَسْخُهُ بِإِقَالَةٍ، وَلَا غَيْرِهَا، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ.. إلخ.
وأما الذرية كما هو معلوم: فمنهم الوارث، ومنهم غير الوارث، والوقف على غير الوارث وقف صحيح، يمضي في حدود الثلث، والوقف على الوارث مختلف في صحته بين الفقهاء، كما بينا أقوالهم في الفتوى: 175555.
والخلاصة أنه لا بد من رفع مسألتكم إلى المحكمة الشرعية إن كانت، أو مشافهة من يصلح للفصل في ذلك من أهل العلم.
والله أعلم.