الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجنين إن مات قبل أن يولد، فلا يعتبر من الورثة، ولا يدخل في تقسيم تركة والده، فلا يأخذ شيئا منها، وأما في حالة إن كان قد ولد حيا، واستهل صارخا، فيرث من تركة والده، جاء في الحديث عن جابر ـ رضي الله عنه ـ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا استهل المولود ورث. رواه أبو داود، وصححه ابن حبان.
وقال الصنعاني في سبل السلام: وأفاد مفهوم الحديث: أنه إذا لم يستهل، لا يحكم بحياته، فلا يثبت له شيء من الأحكام التي ذكرناها. انتهى.
قال القرطبي في تفسيره: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا مَاتَ، وَزَوْجَتُهُ حُبْلَى: أَنَّ الْوَلَدَ الَّذِي فِي بَطْنِهَا يَرِثُ، وَيُورَثُ إِذَا خَرَجَ حَيًّا، وَاسْتَهَلَّ، وَقَالُوا جَمِيعًا: إِذَا خَرَجَ مَيِّتًا لَمْ يَرِثْ. انتهى.
وفي حالة كون هذا المولود وارثا فيوزع نصيبه على ورثته هو، ولا يجوز أن تستحوذ أمه على أكثر من نصيبها في تركته، وترث في هذه المسألة الثلث، قال تعالى: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ {النساء:11}.
ويأخذ جد المولود السدس فرضا، والباقي تعصيبا، ولا تأخذ الجدة شيئا، لوجود الأم، وتكون هذه المسألة من المناسخات وهي وغيرها من مسائل المواريث لا يصح قسمتها إلا بعد حصر الورثة حصرا تاما، وسداد ديون المتوفى، وتنفيذ وصاياه المشروعة ـ إن وجد شيء من ذلك ـ ومحل هذا هو المحاكم الشرعية، وإن لم تتوفر، فيقوم مقامهم أهل العلم الثقات الضابطين لهذا العلم، فيحرص على ذلك، ويبذل الجهد في إيصال الحقوق إلى أصحابها.
والله أعلم.