الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإننا ترجيحا للمصلحة الغالبة، نفتي بجواز رسم ذوات الأرواح التامة، لإنتاج أفلام الكرتون الهادفة.
وقد بينا وجه ذلك بالتفصيل، في الفتوى: 3127.
فأما قولك: (فهل وضع العينين والأنف وكل الحواس لهذه الشخصيات كالإنسان تقريبا، ووضع الحركة لها، حرام، وفيه استهزاء بخلق الله ونعمه؟
... وهل وضع أشياء خيالية فيها ( ككواكب خيالية، أو كطير من الخضروات) حرام، وفيه إستهزاء بنعم الله؟).
فالجواب: ليس في مجرد ذلك استهزاء محرم.
وأما وضع أصوات النساء في الأفلام الكرتونية، فليس بمحرم، فصوت المرأة ليس بعورة -كما هو مبين في الفتوى: 9792 ثم إن الأفلام موجهة للأطفال في الأصل.
وكذلك: ما ذكرته بقولك: (وعدم وضعهن الحجاب الشرعي، وسفرهن لوحدهن، مع وجود الاختلاط بين الذكور والإناث في هذا الكرتون، حرام ويعلم المفاهيم الخاطئة للأطفال؟)
فليس هذا بمحرم، وليس فيه تعليم للمفاهيم الخاطئة للأطفال، فالطفل لا يجب احتجاب النساء عنه، ولا يحرم عليهن مخالطته -وراجعي في هذا الفتوى: 30063، فكيف يقال بعد هذا بتحريم ما ذكرته؟!
وأما المؤثرات الصوتية: فإن كانت غير مطربة، أو كانت الإيقاعات لا تزيد إطرابا عن صوت الدف، فلا حرج في استعمالها.
وراجعي الفتاوى: 231877 - 132278 - 43309.
وعدم الاطمئنان للفتوى إن كان بسبب الوسوسة -كما هو الظاهر من حالك- فلا أثر له، ولا ينبغي الالتفات إليه، وانظري الفتوى: 257413.
وعلى كل: فإن أحببت ترك صناعة الأفلام الكرتونية تورعا؛ لشكك في تحريمها. فإن الاحتياط مشروع، وبابه واسع.
قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى: والورع المشروع هو الورع عما قد تخاف عاقبته، وهو ما يعلم تحريمه، وما يشك في تحريمه، وليس في تركه مفسدة أعظم من فعله. اهـ.
وفي مدارج السالكين لابن القيم: قال سفيان الثوري: ما رأيت أسهل من الورع، ما حاك في نفسك، فاتركه. اهـ.
وأما إضاعة أوقات الأطفال وتعليمهم الخيال، فليس موجبا للإثم.
والله أعلم.