الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الصيغة التي أرشد إليها الرجل المذكور هذه المرأة؛ لا شك في أنها تتضمن محذورا شرعيا، وهو الاستغاثة برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولا تجوز الاستغاثة بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله، ولو كان المستغاث به ملكا، أو نبيا مرسلا، أو وليا صالحا. وتراجع للمزيد الفتوى: 53100.
والذي يظهر أن هذه المرأة قد نطقت هذه الصيغة، وهي تجهل أنها متضمنة للشرك، والجاهل لا يحكم بكفره؛ لأن العلم شرط من شروط الحكم بالكفر على الشخص، كما سبق بيانه في الفتوى: 721.
هذا بالإضافة إلى أنها قد استغفرت.
والرجل الذي يعالج السحر إن لم يظهر عليه شيء من صفات الدجالين من الإخبار بالغيب، أو الاستعانة بالجن؛ فلا حرج في الذهاب إليه، وعلى تقدير كونه دجَّالًا، فهي لم تذهب إليه، وهي تعلم أنه كذلك، ثم إن المسلم لا يكفر بمجرد إتيانه الكاهن وتصديقه له، حتى يعتقد أنه يعلم الغيب ونحو ذلك من صفات الربوبية، بل يكون كفره كفرا أصغر، وللمزيد انظري الفتوى: 380845.
وعلى كل تقدير بما أنها استغفرت بعد ذلك؛ فلا داعي للاستجابة للوساوس والأوهام، فهي باقية على الإسلام ، والعصمة الزوجية بينها وبين زوجها باقية.
وعليها أن تجتهد في علاج هذه الوساوس بالإعراض عنها أولا، وعدم الالتفات إليها بحال.
سئل ابن حجر الهيتمي عن داء الوسوسة هل له دواء؟ فأجاب: له دواء نافع، وهو الإعراض عنها جملة كافية، وإن كان في النفس من التردد ما كان، فإنه متى لم يلتفت لذلك؛ لم يثبت، بل يذهب بعد زمن قليل، كما جرب ذلك الموفّقون... انتهى.
ولتستعذ بالله من الشيطان الرجيم عند ورود الوساوس عليها، ولتكثر من ذكر الله، وتلاوة القرآن، ولتحرص على الرقية الشرعية، فهذه كلها من أهم أسباب العلاج، كما هو مبين في الفتوى: 3086.
وليجتهد الزوجان في تجنب المشاكل في الحياة الزوجية، وليجعلا التفاهم وسيلة لحلها إذا طرأت حتى لا يدخل الشيطان بينهما، ويترتب على ذلك الطلاق، فتتشتت الأسرة، ويضيع الأولاد.
وإن غلب على ظنهما أن السحر ونحوه سبب هذه المشاكل؛ فليحرصا على الرقية الشرعية، والاستعانة ببعض أهل الاستقامة في العقيدة والعمل إن احتاجا لذلك.
والله أعلم.