الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا تراضى الزوجان على ترك الجماع من غير اشتراطٍ في العقد، فلا حرج عليهما في ذلك؛ لأنه حق لكل واحد منهما، تنازل عنه برضاه، ولكن هذا لا يمنع شرعا أيًّا منهما من التراجع والمطالبة بحقه في الوطء؛ لأن الوطء من الحقوق التي تتجدد شيئا فشيئا.
قال المرداوي في الإنصاف: يجوز للمرأة بذل قسمها ونفقتها وغيرهما، ليمسكها زوجا، ولها الرجوع؛ لأن حقها يتجدد شيئًا فشيئًا. انتهى.
وإن كان ذلك عن اشتراط فهو شرط باطل، ولكنه لا يؤثر على صحة العقد.
قال ابن قدامة في الكافي، عند الكلام عن أنواع الشرط الفاسد: ما يبطل في نفسه، ويصح النكاح، مثل أن يشرط عليها أنه لا مهر لها، أو الرجوع عليها بمهرها، أو لا نفقة لها عليه، أو أن نفقته عليها، أو لا يطؤها، ......
فهذه الشروط باطلة في نفسها؛ لأنها تتضمن إسقاط حق يجب بالعقد قبل انعقاده، فلم يصح... انتهى.
وتراجع الفتوى: 23284.
فإن طلب الزوج حقه في الوطء، وامتنعت زوجته مُتَأوِّلة أن لها الحق في الامتناع، بناء على الاتفاق السابق، أو بناء على تأثير الشرط على صحة العقد من أصله. فنرجو أن لا يتناولها الوعيد، ولكن ينبغي أن يبين لها أنه لا حق لها في الامتناع، على ضوء ما بيناه.
والله أعلم.