الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أجمع أهل العلم على انتفاع الميت بالصدقة عنه، سواء كانت جارية كسقاية ماء، أو بناء مسجد ونحو ذلك، أو كانت غير جارية كإعطاء فقير بعض الدراهم بنية حصول الثواب للميت.
ولا يلزم لصحة ذلك ووصول الثواب، أن يكون المرء تصدق عن نفسه، بل تصح الصدقة ويصله الثواب لو تصدق عنه غيره. والأخبار في ذلك ثابتة مشهورة في الصحيحين وغيرهما.
جاء في أسنى المطالب للشيخ زكريا الأنصاري : (الدُّعَاءُ) لِلْمَيِّتِ مِنْ وَارِثٍ وَأَجْنَبِيٍّ (يَنْفَعُ الْمَيِّتَ، وَكَذَا) يَنْفَعُهُ (الْوَقْفُ وَالصَّدَقَةُ عَنْهُ، وَبِنَاءُ الْمَسَاجِدِ وَحَفْرُ الْآبَارِ) وَنَحْوِهَا (عَنْهُ، كَمَا يَنْفَعُهُ مَا فَعَلَهُ مِنْ ذَلِكَ فِي حَيَاتِهِ).
لِلْإِجْمَاعِ، وَالْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِي بَعْضِهَا كَخَبَرِ «إذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلَّا مِنْ ثَلَاثٍ. صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» وَخَبَرُ «سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ إنَّ أُمِّي مَاتَتْ أَفَتَصَدَّقُ عَنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ. قَالَ: سَقْيُ الْمَاءِ» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ. انتهى.
وقد بينا ذلك مفصلا في الفتوى: 5541
وبناء على ما سبق، فإن ما قمتن به من الوقف لأبيكن ينفعه ويصله ثوابه -بإذن الله- ولكن أنتن أجر البر والإحسان إليه.
والله أعلم.