الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمسافة القصر عند الجمهور هي أربعة برد، أي ما يعادل 83 كيلو متراً تقريبا، وتلك المسافة التي تقصر فيها الصلاة إنما تحسب بعد مجاوزة بناء المدينة، وليس من مسكن المرء.
وعليه؛ فإذا كانت المسافة التي ذكرت أنك تقطعها في سفرك للدراسة كل يوم تبلغ مسافة القصر فأكثر، فيشرع لك القصر والجمع.
وإذا صليت الظهر في وقتها تامة وأنت في مدينتك، فلا يجوز لك أن تصلي بعدها العصر قصرا داخل المدينة؛ لأن مشروعية القصر والجمع لا تبدأ إلا بعد أن يتجاوز المسافر جميع بيوت قريته، وما اتصل بها من بساتين.
قال ابن قدامة في المغني: وجُمْلَتُه أنَّه ليس لمن نَوَى السَّفَرَ القَصْرُ حتى يَخْرُجَ من بُيُوتِ قَرْيَتِه، ويَجْعَلَها وراءَ ظَهْرِه.
وبهذا قال مالِكٌ، والشافعي، والأوزاعي، وإسحاقُ، وأبو ثَوْرٍ. وحُكِىَ ذلك عن جَمَاعَةٍ من التَّابِعِينَ. انتهى.
وجاء في المدونة، لابن القاسم: قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يُرِيدُ سَفَرًا: إنَّهُ يُتِمُّ الصَّلَاةَ حَتَّى يَبْرُزَ عَنْ بُيُوتِ الْقَرْيَةِ، فَإِذَا بَرَزَ قَصَرَ الصَّلَاةَ، وَإِذَا رَجَعَ مِنْ سَفَرِهِ قَصَرَ الصَّلَاةَ حَتَّى يَدْخُلَ بُيُوتَ الْقَرْيَةِ أَوْ قُرْبَهَا. انتهى.
والمسافر مخير بين القصر والإتمام في السفر، والقصر أفضل من الإتمام؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: صدقة تصدق الله بها عليكم، فاقبلوا صدقته. رواه مسلم. ولقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله يحب أن تؤتى رخصه، كما يحب أن تؤتى عزائمه. رواه البيهقي وغيره.
والله أعلم.