الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فهذا الحزن سببه فوات المعصية، وهو مما يأثم صاحبه به، إذ هو مناقضٌ للتوبة التي من شروطها الندم على فعل المعصية، لا الحزن على فواتها.
وأما إن بقي هذا الحزن بعد التوبة الصحيحة؛ فإنه يكون من جملة المصائب التي تكفر السيئات، أو ترفع الدرجات.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في مجموع الفتاوى: وَأَمَّا "الْحُزْنُ" فَلَمْ يَأْمُرْ اللهُ بِهِ، وَلَا رَسُولُهُ، بَلْ قَدْ نَهَى عَنْهُ فِي مَوَاضِعَ، وَإِنْ تَعَلَّقَ بِأَمْرِ الدِّينِ؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} وَقَوْلُهُ: {وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ} وَقَوْلُهُ: {إذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إنَّ اللهَ مَعَنَا} وَقَوْلُهُ: {وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ} وَقَوْلُهُ: {لِكَيْ لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ} وَأَمْثَالُ ذَلِكَ كَثِيرٌ. وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَجْلِبُ مَنْفَعَةً، وَلَا يَدْفَعُ مَضَرَّةً، فَلَا فَائِدَةَ فِيهِ، وَمَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ لَا يَأْمُرُ اللَّهُ بِهِ. نَعَمْ لَا يَأْثَمُ صَاحِبُهُ إذَا لَمْ يَقْتَرِنْ بِحُزْنِهِ مُحَرَّمٌ. اهـ.
وللفائدة يرجى مراجعة الفتويين: 242674، 358636.
والله أعلم.