الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما دمت طلقت زوجتك بعد الدخول بها؛ فلا حقّ لك في أخذ شيء من مهرها بغير رضاها.
قال المقدسي -رحمه الله- في العدة شرح العمدة: ومتى دخل بها استقر المهر، ولم يسقط بشيء، لقوله سبحانه: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [النساء: 20] أمر بترك الكل لها. انتهى.
وأمّا الأموال التي أنفقتها على استقدام زوجتك، ونقلها إلى بلدك؛ فهي واجبة عليك؛ إن كانت المرأة أو وليها اشترطوا عليك تحمل هذه النفقات، أو كان العرف جاريًا بأنّ الزوج يتحمل تلك النفقات.
جاء في شرح مختصر خليل للخرشي: من تزوج امرأة، وشرط عليه أن يبني بها في بلد غير بلد العقد، فإن أجرة حملها وحمل جهازها إلى بلد البناء لازمة للولي من ماله، إن لم تكن المرأة مالكة لأمر نفسها؛ لأنه مفرط بعدم اشتراط ذلك على غيرها. وإن كانت مالكة لأمر نفسها، فعليها من مالها، إلا أن يكون الولي أو المرأة المالكة لأمر نفسها اشترطا ذلك على الزوج؛ فإنه يلزمه حينئذ، ومثل الشرط إذا جرى العرف بذلك، والمراد بالولي ولي المال، لا ولي العقد. انتهى.
وإذا لم يكن العرف جاريًا بتحمل الزوج هذه النفقات، ولم تشترط المرأة أو وليها عليك تحمل هذه النفقات؛ فلا تلزمك هذه النفقات؛ لكن إن كنت دفعتها، ولم تنو الرجوع بها على المرأة؛ فليس لك مطالبتها بها، لأنّ الرجوع في الهبة غير جائز.
وخلاصة القول أن المولى سبحانه قد قال في محكم كتابه: (فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ {البقرة: 229}.
وإذا حصل نزاع بينكما حول شيء من هذا الأمر، فالذي يفصل فيه هو القضاء الشرعي.
والله أعلم.