الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإنّ للجار حقًّا مؤكَّدًا، وقد أوصى الشرع بالإحسان إليه، وإكرامه، واحتمال أذاه، ففي صحيح البخاري عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ما زال جبريل يوصيني بالجار، حتى ظننت أنه سيورثه.
فإذا كان جيرانك على الحال التي ذكرت من الوقوع في المعاصي والمنكرات؛ فينبغي عليك أن تجتهد قدر وسعك في بذل النصيحة لهم، وأمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر، والسعي في إعانتهم على التوبة إلى الله، والاستقامة على طاعته.
ومن أخلص القصد لله، واستعان به، واستعمل الحكمة والرفق؛ كان حَرِيًّا بالتوفيق من الله، وأن يكون سببا في هداية الخلق، وينال الأجر العظيم على ذلك؛ ففي الصحيحين عن سهل بن سعد -رضي الله عنه- قال: لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم.
ولا ينبغي لك أن تدعو عليهم، ولكن ادع لهم بالهداية، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قيل: يا رسول الله؛ ادْعُ على المشركين، قال:إني لم أبعث لعانا، وإنما بعثت رحمة. وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه: قدم الطفيل بن عمرو على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله؛ إن دوسا قد عصت وأبت، فادع الله عليها، فظن الناس أنه يدعو عليهم، فقال: اللهم اهد دوسا، وأت بهم.
قال القسطلاني -رحمه الله- في إرشاد الساري: وأما دعاؤه -عليه الصلاة والسلام- على بعضهم؛ فذلك حيث لا يرجو، ويخشى ضررهم وشوكتهم. انتهى.
والله أعلم.