الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بين الفقهاء حدود طاعة الولد لوالديه، وأن هذه الطاعة تكون فيما فيه مصلحة لهما، ولا مضرة على الولد فيه.
وهذا ضابط عام، ينبغي أن يكون محل اعتبار من قِبَل الوالدين، ومن قِبَل الأولاد في العلاقة بينهما.
ويمكن مراجعة المزيد في الفتوى: 76303.
وهذا يعني أنه ليس للوالدين مطلق الحق في إجبار الولد البالغ على ما لا يريد، سواء فيما يتعلق بأمر الدراسة، أو غير ذلك من مصالحهم.
ولكن مما لا ينبغي أن يغيب عن ذهن الأولاد، أن الوالدين مجبولان بطبعهما على حب ما ينفع ولدهما. والسعي فيه، وحرصهما على مصلحته.
وهما أطول منه تجربة في أمور الحياة، وأكثر خبرة بشأنها، فغالب الظن أن رأيهما سيكون أفضل للابن من رأي نفسه. فلا يعجل الولد إلى رفض رأيهما، ولا يضيق ذرعا بنصحهما وتوجيههما، فما لم يكن أمرا منهما، يمكن أن يكون نصحاً مقبولا.
وهنالك جملة من الحقوق للآباء على أبنائهم البالغين وغير البالغين، وتتأكد في حق البالغين. ومنها:
أولا: برهما والإحسان إليهما، والتودد لهما، وملاطفتهما في القول والفعل، واجتناب التضجر عندهما، أو زجرهما ونحو ذلك، قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا {الإسراء:23}.
ثانيا: التواضع لهما، والدعاء لهما بخير في حياتهما، وبعد وفاتهما، قال سبحانه: وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:24}.
ثالثا: صلة أرحامهما، وإكرام صديقهما، وتنفيذ وصيتهما بعد موتهما.
رابعا: الإنفاق عليهما إذا احتاجا للمال، أو كانا فقراء. فيجب على الأبناء الإنفاق عليهما، ولا يعطيهم من زكاة المال شيئاً؛ بل من ماله الخاص نفقة لهما.
والله أعلم.